السبت، 20 يوليو 2013

التعليم في القرن الحادي و العشرين: بين معايير حية و أخرى تنتظر الحياة!

حينما قلت: أريد زيارة الصين، كانت هناك بعض الكلمات التي يسمعها الزائر للصين تصف البضائع و..و..، إلا أن واقع تلك الدولة الشاسعة يحكي قصة أعمق و أجمل عن ذلك الإنسان و تاريخة و حضارته!

حينما قلت: أريد زيارة الصين، كانت هناك بعض الكلمات التي يسمعها الزائر للصين تصف البضائع و..و..، إلا أن واقع تلك الدولة الشاسعة يحكي قصة أعمق و أجمل عن ذلك الإنسان و تاريخة و حضارته!
قصة الصين التي كانت في المخيلة تختلف عن القصة التي عشتها خلال عدة أيام. الشعب الصيني شعب طيب و متعاون و جمهورية الصين دولة نظيفة و متطورة، و تطورها الصناعي لم يفقدها أصالتها و تاريخها المتجانس و المتكامل مع التطور في الوسائل الحياتية. ففي الصين تلمس التجانس و التكامل بين الماضي و الحاضر. اعتزاز الصيني باللغة الصينية لا ينفصل عن ميلهم الواضح و رغبتهم غير المفهومة في تعلم اللغة الانكليزية. فهناك مظاهر متناقضة توحي للزائر رغبة الصينيين الداخلية التي تتناقض مع واقعهم في تعلم اللغة الانكليزية. فالأحاديث الدائرة و وسائل التواصل كلها باللغة الصينية إلا أنك تسمع من الخلف الى موسيقى و أغاني انكليزيه تُغنى من قبل صينيين! أما الأكل الصيني فهو يحمل الكثير من الإثارة سواء بالطعام المتنوع من حيث اللحوم المختلفه باختلاف انواع الحشرات أو الحيوانات أو باختلاف أنواع النباتات أو الخضروات، إلا أن ما يجمع كل ذلك التنوع هو طريقة الأكل بتلك العصاتين. فطريقة أكل الصيني التي تم تبنيها قبل ثلاثة آلاف عام بالعيدان الصينية لها فلسفة خاصة بها. و قد نادى باستعمال هذه العيدان الفيلسوف كونفوشيوس الذي عاش خلال الفترة بين  عام 479  و عام 551  قبل الميلاد. ففلسفة الأكل عند الصينين بالعودين  تعكس فلسفة اللاعنف في الثقافة الصينية و هذا ما تستشعره في هدوء الصينين و تعاونهم و ترحبيهم بالغريب. كما أن لهذه الفلسفة الكثير من المعاني و المفاهيم الجميلة التي تتصل بالإنسان و ثقافته السلمية التي أسست لمعايير مهمة سواء على مستوى التواصل أو التعليم أو الثقافة أو الإنسان نفسه. هذه المعايير الحياتية أسست لمعايير تعليمية متميزة جعلت الصين من الدول الأكثر تفوقا في الاختبارات العالمية. و هذه المعايير العالمية التي تبرز سواء في كمية الكتب المنشورة بلغتهم الصينية أو من خلال الأساليب التعليمية المتطوره تجعلك مبهورا من تجربة هذه الدولة العريقة  ذات الحضارة الأكثر قِدَما في العالم.
الجميل في تلك الحضارة هو ذلك التواصل الذي يربط عصور ما قبل الميلاد بالقرن الحالي حيث تتشابك الطموحات في وحدة واحدة، فتقترن تلك اللغة الصينينة التي اخترعت قبل 4000 عاما بثقافة القرن الواحد و العشرين بتناغم يعزف أوتاره لحن واحد. فتلك الأشكال الـ 6000  التي يحتاج إليها التلميذ الصيني حتى يتمكن من قراءة جريدة عادية تعينه أيضا لينهل من جدول آخر من الجداول المتعددة في هذا الكون برمته ، حيث ترتبط فيها القراءة بأحرف و كلمات أخرى، فيتواصل خارج هذا الإطار الأرضي لينسج من عراقة ماضيه طموح حاضره و مستقبله. فالطفل الصيني الذي يبدأ في فك رموز تلك الأصوات و الكلمات و الأشكال فإنه يقفز في نفس الوقت ليشارك العالم الخارجي في طموحاته و تطلعاته، ليعرف أن حدود المرء أكبر من أن يحدها وطن أو بلد أو حضارة بعينها!
و لكن.. في غمرة تلك الصور الجميلة أعادتني الذاكرة إلى وطننا الحبيب و بالتحديد الى تاريخ 15/12/2012 حيث أجرت جريدة عمان مقابلة مع معالي وزيرة التربية و التعليم، حيث أشارت فيها الدكتورة الوزيرة إلى العمل الذي يقوم به "فريق من الخبراء مع كادر عماني في بناء معايير للمناهج ومن المتوقع الانتهاء منها بنهاية العام الدراسي 2013/2012."   لن نسأل هل تم الانتهاء من إعداد هذه المعايير أم لا.. لأن الشاة لا يهمها سلخها بعد ذبحها؟.. لكن تعالوا لنعيش قصة من عالم آخر حتى نعيش في حلم طالما وددنا أن نعيشه على أرض هذا الوطن !
بعنوان عريض "حصة العلوم من فوق الأرض" التي أذهلت الأطفال في عدد من مدن الصين،  قدمت لهم رائدة الفضاءWang Yaping  درسا في انعدام الجاذبية. بدأت درسها بسؤال حول: كيف يتم قياس وزن رواد الفضاء في المركبة الفضائية؟ بعدها استعرضت عددا من التجارب الجميلة التي استقطبت اهتمام الطلبة و كانت كما علق عليها أحد الطلبة " أنارت أمامه الكثير". هذا هو العالم الآخر الذي ما زلنا بعيدين عن التواصل معه.. لا عجب فنحن ما زلنا نحث الخطى لبناء معاييرنا!  إنه القرن الواحد و العشرون الذين يتطلع الجميع فيه لسباق حميم لبناء أوطانهم و أممهم.  لهذا حينما سئلت رائدة الفضاء و التي تعمل في وزارة التربية و التعليم عن الهدف خلف هذا الدرس، أجابت: إننا نتطلع إلى أن يسهم هذا الدرس في استقطاب اهتمام الطلبه نحو الفضاء و رفع مستوى رغبتهم للاكتشاف..". هذه هي تطلعاتهم للمستقبل أما نحن فإننا نتطلع إلى ان تتلاءم المعايير التي ما زلنا ننتظر ولادتها مع متطلبات القرن الذي نعيش فيه.. و لا نريد ان نرى أنفسنا دائما نركض خلف الآخرين أو نلاحق التيار أو نسير عكسه ـ بل أننا نحلم بأن نكون في مقدمة الركب.. و لهذا فعلينا انطلاقا من حب الوطن أن... نعيد النظر!