الخميس، 25 فبراير 2016

وطن أمي وطني...

لنضع الاعتبارات القانونية جانبا فأنا لست بقانونية. و لنضع الاعتبارات النفسية و التربوية نصب اعيننا فنحن ننطلق من الفطرة الإنسانية التي تقوم على مبادئ و قيم وجدت مع وجود الإنسان وقبل قيام القوانين ...




http://www.azamn.com/?p=346104

لنضع الاعتبارات القانونية جانبا فأنا لست بقانونية. و لنضع الاعتبارات النفسية و التربوية نصب اعيننا فنحن ننطلق من الفطرة الإنسانية التي تقوم على مبادئ و قيم وجدت مع وجود الإنسان وقبل قيام القوانين و الأنظمة البشرية. تلك الفطرة التي تنسجم معها معظم تلك الاعتبارات النفسية و التربوية و الأخلاقية. و هذه الاعتبارات النفسية و التربوية و الأخلاقية تتناغم مع مبادىء الدين و القيم الإنسانية. إلا أن بعض القوانين الموضوعة قد تتعارض مع تلك الفطرة.
لا قيمة للنطفة التي قد تنتج بشرا  إلا اذا احتضنها رحم دافئ وأطعمها حبل سري وترعرعت داخل ذلك الرحم بين مشاعر شتى حبا  كرها عطفا و حنانا سواء في غياب صاحب تلك النطفة أو حضوره. ذلك الرحم الذي احتضنها سمي رحم الأم و تلك المشاعر التي انغرزت في تلك النطفة كان ذلك الرحم مصدرها و منبتها إلى أن غدا إنسانا كاملا و ولج إلى الحياة ليخطو أولى خطواته بلغة تلك الأم وتكون تلك “لغته الأم”.
الأم ومشتقاتها الأمة و الأمم و غيرها جميعها تحمل معنى الرابط الأساسي لمجموعة من البشر حيث تجمعهم اللغة و العادات و التقاليد و الأصل الواحد. إلا أن تبعية المرأة للرجل لكونه هو المعيل قد أوجد نسيجا اجتماعيا مختلفا. حيث أن تابعية المرأة لزوجها و التي كانت و ما زالت تقتضي اتباعه في سكنه ورحله و ترحاله هي كرامة للمرأة تفتخر بها. فالمرأة بعد زواجها تنتقل إلى العيش مع الزوج أينما كان وهذه التبعية الفطرية وجهت بكل أسف بأنظمة وقوانين جائرة تتنافى مع الفطرة البشرية. فتجاوب المرأة مع تلك التبعية قد تفقدها جنسيتها ان اختارت حمل جنسية الزوج و يحرم أطفالها من جنسيتها (أي جنسية الأم) حتى إذا تمسكت بجنسيتها. وهذا ما يحدث في أكثر من سبع وعشرين (27) دولة منها دول الخليج العربية. فهل ذلك من الإنسانية  في شيء أو يتطابق مع الفطرة البشرية؟
في القانون العماني تنص المادة (1) في فقرتها الأولى من أحكام تنظيم زواج العمانين من أجانب أنه يعتبر عمانيا بحكم القانون من ولد فى عمان أو خارجها من أب عمانى. بينما لا يحق للمرأة أن تورث أطفالها جسنيتها مع أن أولئك الأطفال يتنسمون حب وطن الأم من بداية تكونهم!  هذه المادة في القانون العماني تجحف حقا فطريا للأم بينما تكافئ الأب بحق مضاف. فأبناء المواطن العماني عمانيون حتى و إن تربوا و ترعرعوا وكبروا فوق أرض أخرى و من أم لا تمت إلى هذه الأرض بصلة. و أبناء المواطنة حتى و إن كبروا و ترعرعوا على هذه الأرض مع أم تستقي كيانها من أرضها و أرض آبائها فهم ليسوا بعمانيين. فيا ترى ما هي الرسالة التي يحاول واضعو القانون توصيله للمواطنة العمانية و ما هي الرسائل التي تصل إلى المواطن العماني؟ وأي إجحاف يلحق بأبناء المواطنة؟
لن أخوض أكثر في هذا الموضوع وإنما أتوخى من واضعي القوانين الانطلاق إلى تصحيح مفهوم الوطنية و المواطنة بجعل هذا الحق على كفتين متوازنتين بين الرجل العماني و المرأة العمانية. فالمرأة كما يصدح المسؤولون بأنها نصف المجتمع فكيف لذلك النصف أن لا يورث أبناءه حبه لوطنه و جنسيته؟  وكيف للنصف الآخر حتى في حالة غيابه و غياب أبنائه أن يورث ابناءه جنسيته و قد تكون جنسية على ورق بعيدا عن الحب الذي كان رحم امرأة من خارج محيط هذا الوطن هو الذي غرس في قلب أولاده. اذا كانت الجنسية ورقة تورث فأي قيمة تعبر؟ القيمة الحقيقية للجنسية تتمثل في الحب و الولاء اللذين يتم بذرهما في طينة طرية ومن ثم يتم سقيهما و ريهما، فمن غير رحم الأم يكون أكثر قدرة من فعل ذلك؟ إن قوانيننا الوضعية بحاجة إلى أن تضع الفطرة و القيم الدينية والتربوية نصب عينيها. فنحن أولى من غيرنا بإكرام المرأة .. فلنعد النظر!