الاثنين، 25 مارس 2013

خاطرة ... أسردها!

صاحب الجلالة... إنّها خاطرة جالت بخاطري .. فهل لي من سردها؟

كأنّها كانت نسمة من تلك النسمات التي تهب في قيظ ظهيرة يوم من أيام يوليو...


 http://alroya.info/ar/citizen-gournalist/citizen-journalist-/52798

صاحب الجلالة... إنّها خاطرة جالت بخاطري .. فهل لي من سردها؟

كأنّها كانت نسمة من تلك النسمات التي تهب في قيظ ظهيرة يوم من أيام يوليو، من جهة ذلك المحيط المتشامخ بسعته، الكريم بأعماقه، المعطاء بسخاء من أنعم الباري عليه. كأنّها الغيث الذي ينساب على ذلك الظمآن حاملا في حناياه عذوبة أفلاج عمان وبين رشاتها برودة فيء السدرة أو النبق ولذة ثمر النخلة والرمان. إنّها نسمة هبت علينا لتمحو عن جباهنا حبات العرق المتراكمة  وتزيل عن أفئدتنا كدر الأيام الماضية وتجلي عن صدورنا آهات وآهات. كأنّ هناك شريطا سينمائيا يطوف بنا حول عدد من تلك الليالي القاتمة. إلا أنّ سن الأربعين الذي كان الله ينزل رسالاته على أنبيائه، سن الحكمة والرقي والرشد وهي نفس المدة من عمر هذا البلد الرشيد تتجلى لنا تلك السنن الإلهية بوضوح وتتصدر تلك الحكمة في تصرفات وطن كان يُعرف بوقاره ورشده منذ أمد. إلا أنّ الحياة بحر خبرات وتجارب يحرص العاقل على أن يستفيد منها.
يوم الخميس حين هبت تلك النسمة حاملة معها خبر العفو عن الشباب والشابات، كانت أيضًا تسطر درسًا للصغار و الكبار في الحكمة والتعقل. 

إنّ التاريخ البشري كما هو الإنسان بكيانه يمر بمراحل ومراتب سواء العمرية أو النفسية أو العقلية. وهذا ما ظهر جليًا في التاريخ الإنساني حيث تناوب الأنبياء عملية دعوة البشرية إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وفق رقي العقل البشري. وكانت الكتب السماوية معبرة عن ذلك التقدم في ذلك العقل من خلال نوعية ومستوى الأحكام والمفاهيم والعلوم الإنسانية. وهذا ما يجعلنا نفهم عدم تحركنا أمام أحكام صدرت على بعض شبابنا في الثمانينيات وأعمارهم كانت تحوم حول العشرينات. في ذلك الوقت لم تشفع لهم حداثة سنّهم التي لم تستحق عقاب سنين عديدة خلف القضبان، فهم أو معظمهم وفق الأنظمة والقوانين كانوا أصغر من أن يحاسبهم القانون.. ولكننا كدولة ومجتمعات أيضًا كنا لا زلنا في مرحلة النمو. إلا أنّ استحضار تلك الفترة التاريخية تجعلنا نثمن الحاضر وما فيه من خير وعافية. هؤلاء الشباب هم ثروة الوطن وهذه الثروة تحاول أن ترسخ خطاها في خدمة الوطن بالرغم من أنّ البعض قد تستشكل عليه الطرق و الوسائل،  لكن تظل السلوى أنها الثقافة التي اشكلت عليهم الفهم أو أنه حرص البعض، وليس سموم العصر أو فقدان البوصلة عن قيم الدين والخلق هو ما جرهم إلى ذلك الطريق. 

هذه العوامل التي أشكلت على البعض الرؤية قد كانت تاريخًا لآخرين ممن تقلد مراكز ومناصب في هذه الدولة، فلم تتم عملية المعاقبة أو المحاسبة في الأرزاق أو الحقوق أو الواجبات بل العكس صحيح.. لكن و مع الأسف، البعض من هؤلاء أو غيرهم شاء أن يختار طريقا غير تلك التي عهدناها. في ضوء ذلك العفو السلطاني الذي ترفع عن الصغائر نريد استحضار أمثلة أولئك الذين قتر عليهم بعض مسؤولي هذا الوطن فحاربوهم في وظائفهم ومناصبهم و حقوقهم. هذه المحاربة غير العادلة لم تكن لعام أو عامين و إنما تتواصل لسنين طويلة باختلاف الوجوه أو الأماكن أو المسارح. إنّها مسرحية مؤلمة ومثيرة وجديدة من نوعها تلك التي يعيشها البعض خارج قضبان السجن. إنّه سجن للمواهب وللقدرات وللإمكانيات في وطن (مع الأسف) بعد تلك الأربعين عامًا ما زال يلجأ إلى الوافدين في عملية تقييم تعليمه أو وضع مناهجه أو شحذ همم معلميه من قبل مدربين من دولة مجاورة! إنّه سجن لثروات عمان البشرية تمارس من قبل البعض ضد الكلمة المخلصة والقول البناء والفكرة المبدعة والرؤية المبتكرة، إنّه سجن للقيم وللمفاهيم والتي من المفترض أن يرتشف الصغار منها كيفية بناء الوطن وتعميره  والمساهمة فيه بحب وولاء. إنّ البعض قرر (مع الأسف) من خلال تلك المناصب التي اعتلوها ألا تكون لهم قامات يرفعون من خلالها قيم الخير؛ بل جعلوا منها طوابيق يتباهون من خلالها بعلوهم الذي تكدس تحته سيل جارف بدلا من خير مدرار. فلهذا لم يروا سبيلهم إلى إحقاق الحق وإرساء العدالة.. وعلى ضوء بعض تلك المتغيرات من أولئك المتعالين من غير قامات خير، نسأل: فهل سيكون مصير من خرج من ظلمة السجن ونال شرف العفو أن يعاني موقفًا كموقف البعض الذين أرادوا التغيير بالحكمة.. فكان مصيرهم أن كتبت عليهم خارج القضبان سنوات عجاف من التضييق عليهم في أرزاقهم وحقوقهم لا نهاية محددة لها؟ هل ستوجد قضبان أخرى تحكم إبداعاتهم وعطاءهم ورؤاهم؟ إن كان هذا المنحى أضحى سياسة كل من استكبر على النصح و النصيحة.. وتسلط على رقاب موظفيه أو أدار تلك الأمانة التي استودعها إيّاه صاحب الجلالة وفقًا لأهوائه ومن غير الشعور بالرقابة الداخلية أو التوجس من المحاسبة... حينها لا يسع لمن يعاني إلا أن يقول: "ربنا ... اجعل لنا من لدنك وليًا و اجعل لنا من لدنك نصيرًا". إنّها تلك الخاطرة التي تعيش في خلد الكثيرين.. فكان لي شرف سردها!