الأحد، 24 مارس 2013

التعليم ما قبل المدرسي.. ضرورة تربوية لدعم النشاطات الإبداعية لدى الأطفال

تساعد الطفل على اكتساب مهارات وخبرات جديدة-
الحارثي: " صفوف التهيئة "تجربة جديرة بالتعميم وندعمها بتدريب المتطوعات-
◄ الكيتاني: الرعاية الصحيّة والتعليمية متلازمتان في مرحلة الطفولة المبكرة-
اللواتية: التعليم المبكر يؤهل الطفل للاندماج مع الآخرين-
◄ البوسعيدية: مرحلة رياض الأطفال تحقق فوائد عديدة للطفل والأسرة-

http://alroya.info/ar/alroya-newspaper/internal/52709-----------

ا◄ الرؤية- مدرين المكتومية-
أكد خبراء تربويون أنّ رياض الأطفال مؤسسات تربوية واجتماعية تسعى إلى تأهيل الطفل تأهيلاً سليماً للالتحاق بالمرحلة الابتدائية، وذلك حتى لا يشعر الطفل بالانتقال المفاجئ من البيت إلى المدرسة، حيث تترك له الحرية التامة في ممارسة نشاطاته واكتشاف قدراته وميوله وإمكاناته، وبذلك فهي تسعى إلى مساعدة الطفل في اكتساب مهارات وخبرات جديدة، وتتراوح أعمار الأطفال في هذه المرحلة ما بين عمر الثالثة والسادسة.
وقالوا: يحتاج الأطفال في هذه المرحلة إلى التشجيع المستمر من معلمّات هذه الرياض؛ من أجل تنمية حب العمل الجماعي لديهم، وغرس روح التعاون والمشاركة الإيجابية، والاعتماد على النفس والثقة فيها، واكتساب الكثير من المهارات اللغوية والاجتماعية وتكوين الاتجاهات السليمة تجاه العملية التعليمية.
ويعتبر الطفل في المناهج الحديثة هو المحور الأساسي في جميع نشاطاتها، فهي تدعوه دائماً إلى النشاطات الذاتية، وتنمي فيه عنصر التجريب والمحاولة والاكتشاف، وتشجعه على اللعب الحر، وترفض مبدأ الإجبار والقسر بل تركّز على مبدأ المرونة والإبداع والتجديد والشمول، وهذا كله يستوجب وجود المعلمة المدربة المحبة لمهنتها والتي تتمكن من التعامل مع الأطفال بحب وسعة صدر وصبر.
وأضافوا أنّ مرحلة رياض الأطفال مرحلة تعليمية هادفة لا تقل أهمية عن المراحل التعليمية الأخرى كما أنّها مرحلة تربوية متميّزة، وقائمة بذاتها لها فلسفتها التربوية وأهدافها السلوكية وسيكولوجيتها التعليمية والتعلمية الخاصة بها، وترتكز أهداف رياض الأطفال على احترام ذاتية الأطفال وفرديتهم، واستثارة تفكيرهم الإبداعي المستقل وتشجيعهم على التغير دون خوف، ورعاية الأطفال بدنياً وتعويدهم على العادات الصحيّة السليمة ومساعدتهم على المعيشة والعمل واللعب مع الآخرين وتذوق والفن وجمال الطبيعة وتعويدهم التضحية ببعض رغباتهم في سبيل صالح الجماعة.
يقول سعادة الدكتور حمود الحارثي وكيل وزارة التربية للتعليم والمناهج حول التعليم في مرحلة ما قبل المدرسة: إنّ المسارات التعليمية في الوقت الحالي متعددة؛ حيث يوجد في بعض مدارس وزارة التربية التعليم ما يسمى بـ "صفوف التهيئة"، وقد بدأت الوزارة بالمحافظات والمناطق التي لا يوجد بها مدارس خاصة، مثل مناطق الأرياف والمناطق الجبلية، والمناطق البعيدة.
وتقوم على التدريس بصفوف التهيئة متطوعات من خريجات الثانوية العامة، معربًا عن أمله في أن يتم تطويرها لتكون لها مخرجات.
وتقوم الوزارة بتدريب المتطوعات لهذا المشروع، وتوفير الغرفة الصفيّة والمرافق الأخرى للمشروع وتوفير وسائل النقل وكذلك التكريم السنوي للمتطوعات من خلال احتفالات الوزارة.
ويتابع الحارثي أنّ هناك مسارًا آخر يتمثل في تشجيع مدارس القرآن الكريم، وكذلك تشجيع رياض الأطفال الخاصة، وتسعى الوزارة إلى القضاء على الفكرة القديمة بأنّ التعليم ما قبل المدرسة هو تعليم غير رسمي.

خسارة وطنية
ومن جانبها تقول دكتورة فاطمة اللواتي: من وجهة نظري أنّ مناقشة موضوع أهمية رياض الأطفال أو استعراض الفوارق بين الطالب الملتحق بالتعليم ما قبل المدرسة أو الطالب الذي لم ينل تلك الفرصة هو كاستعراض موضوع أهميّة وجود جامعة أو مدرسة أو مستشفى في دولة ما. لأنّ موضوع أهمية رياض الأطفال لم يعد من المواضيع التي يتم التطرق إليها في البحوثات أو المؤتمرات التربوية في دول العالم المختلفة. وعدم التطرق إليها ليس بسبب عدم أهميتها، فكما أنّ وجود مستشفى أمر ضروري ومهم للمجتمع والمواطنين وللصحة العامة كما أنّ وجود جامعات في الوطن دليل على الاهتمام الذي توليه الدولة للتعليم ما بعد المدرسي والبحوث فكذلك الحال بالنسبة لرياض الأطفال. فمناقشة أهميّة إقامة مدرسة في حي أو مدينه تخلو من المدارس وأطفالها لا يجدون فرصًا للتعلم، هو نقاش عقيم لأنّ القاعدة المتعارف عليها عالميًا هي ضرورة توفير التعليم للجميع من غير استثناء. فنقاش مثل هذا لم يعد له مجال بسبب أنّ الموضوع غدا من الأمور البديهية التي لا خلاف عليها أو غبار. إلا أنّ ما ينبغي النقاش حوله هي أمور أكثر جوهرية. فنحن لا ننافش أهمية وجود مستشفى و لكن هناك الكثير من النقاشات التي تدور حول أهمية رفع مستوى الخدمات الصحية و تطويرها. و أيضًا هناك العديد من النقاشات التي يجب أن تجد لها طاولة عريضة وعقولا متفتحة في كيفية تطوير مدارسنا لتصبح بيئات تستحث أطفالنا على التعلم.  أو كيف يمكن أن نرفع من مستوى جامعاتنا حتى تستطيع تخريج أجيال متعلمة و متفتحة و واعية ؟ هذه هي نوعية الأسئلة التي من المفترض أن يدور النقاش حولها في القرن الواحد و العشرين! فالزمان لا يتوقف حينما يقرر الواحد منا ألا يساير التطورات. فإذا لم نقرر بعد فتح رياض الأطفال في القطاع الحكومي ونود الحديث عن أهميّتها لحث الوزارة، فهذا لا يعني أنّها فكرة حديثة ستتم مناقشتها وفق تلك التصورات الأولية التي تستعرض أهميّة رياض الأطفال بالنسبة لنمو الطفل العقلي والاجتماعي والجسمي والحركي وغيرها.. لأنّ هذه الأمور غدت من المسلمّات التي لا يرفضها عاقل. وكل إنسان مهما بلغت ثفافته فهو مدرك أهمية وجود رياض الأطفال وأنّ وجود تلك الخدمات التعليمية سوف تسهم بشكل كبير في تفوق الطفل الأكاديمي وفي اكتساب السلوكيات السليمة مستقبلا، لكن بما أننا من الدول التي حباها الله سبحانه بنعم جمة  فقد كان لزامًا علينا في هذه الحقبة الزمنية وبعد أربعين عامًا من النهضة المباركة أن نناقش نوعًا آخر من المواضيع ونجيب عن أشكال مختلفة من الأسئلة في ضوء تجربة كان من المفترض أننا مررنا بها. أمّا في وضعنا الحالي فلابد أن تتكاتف جهود مختلف الجهات مثل مجلس البحث العلمي ووزارة التربية والتعليم وغيرها من الوزارت ذات العلاقة بالإضافة إلى المؤسسات التعليمية الأخرى في البحث عن إجابات لهذه الأسئلة: ما هي الآثار السلبية التي نتجت من عدم وجود رياض للأطفال في السلطنة متاحة لجميع الفئات والطبقات الاجتماعية؟ فعدم وجود رياض الأطفال على مستوى القطاع الحكومي في عمان هي خسارة وطنية ولها تأثيرات سلبية كبيرة على مستقبل أبنائنا.
أمّا السؤال حول أهميّة رياض الأطفال، فإنّه من الأسئلة التي عفا عليها الزمن وغدت من التراث. فمنذ أكثر من عقد و البحوث التربوية قد تجاوزت رياض الأطفال وأخذت تستعرض لنا أهمية التعليم المبكر وهو ما يسمى بالتعليم في مرحلة الحضانة أي تعليم الطفل عند عمر الثالثة وليس التعليم في مرحلة رياض الأطفال، وهذا دليل آخر على مدى تأخرنا عن بقية الدول التي تثمن التعليم. وتقول اللواتية: تربط الدراسات في مرحلة التعليم المبكر بين الخبرات التعليمية المبكرة للطفل وتفوقه في المراحل المتقدمة، وتحث على الإسراع في تقديم خبرات تعليمية للطفل منذ سن مبكرة. فقد استهدفت إحدى الدراسات الطويلة الأمد والتي بدأت منذ 1962 عينة مكونة 123 شخصًا أمريكيًا من أصول إفريقية ومن أسر فقيرة وكان مستقبلهم الأكاديمي معرضًا للفشل بسبب فقر العائلة. وقد تمّ إلحاق أولئك الأطفال في حضانات أو برامج ما قبل المدرسة ذات المستوى الجيد “High quality  preschool program ثمّ استمرت متابعتهم لمدة أربعين عامًا. وقد استخلصت الدراسة أنّ هؤلاء الأطفال أصبح لهم وضع مادي أفضل وحياة أسرية أكثر استقرارًا.  كما أوضحت أبحاث أخرى في مجال الدماغ أنّ الطفل في سن الثلاثة أعوام قدراته في التعلم تصل إلى قمتها. ولكن مع الأسف فإنّ بعض أطفالنا يتم إلحاقهم في مدارس أو حضانات غير مؤهلة وبعضهم الآخر يتم تركهم مع الخدم ويبقى القليل من الأطفال الذين يجدون لهم حضنًا يأويه ويرعاه ويساعده في تنمية إمكانياته وقدراته المختلفة. زرت قبل فترة إحدى المدارس فعز عليَّ أن أرى الأطفال جالسين في الصف لساعات عديدة وهم يرددون تارة آيات من القرآن الكريم وأخرى يحفظون نصوصًا لا تعني لهم شيئًا، في الوقت الذي يدعونا ديننا الحنيف إلى أن نتيح لهم مجال اللعب لما له من أهميّة في نمو الخيال والإبداع والابتكار لديهم. فمن خلال اللعب يتعلم الطفل الكثير من القيم والاخلاقيات والمفاهيم. يذكر الكاتب Friedman  في كتابه: "the World is Flat" عن تأثير وفعالية التعليم ما قبل المدرسة في العالم المتنافس "global competitive" مذكرًا بأنّ أطفال اليوم سوف يحتاجون إلى الإبداع وأساليب حل المشكلات و الرغبة في التعلم وأخلاقيات العمل وأيضا الحب للتعلم أو ما يسمى “Lifelong Learning Opportunity”.   ثم يوضح بأنّ التعليم لا بد أن يكون أشمل من تنمية القدرات العقلية وأنّه لابد أن يركز على بناء سمات الشخصيّة “character”  دعوتي من خلال جريدتكم هو مطالبة الوزارة بالعمل على توفير التعليم ما قبل المدرسي للأطفال من عمر ثلاثة أعوام. ولابد أن يكون مستوى التعليم متميزًا وملبيًا لاحتياجات الطفل من خلال إكسابه خبرات ومهارات ومساعدته على التعلم بأساليب تربوية سليمة.