الثلاثاء، 8 نوفمبر 2016

عقوبة الضرب و الجدل الدائر..إلى أين؟


كثر الحديث عن مسألة الضرب في المدارس وتصاعد الحديث بعد القرار الصادر من المديرية العامة لمحافظة مسقط. أسباب ذلك التصاعد يرجع الى أن القرار أثار عددا...

http://alwatan.com/details/150527

كثر الحديث عن مسألة الضرب في المدارس وتصاعد الحديث بعد القرار الصادر من المديرية العامة لمحافظة مسقط. أسباب ذلك التصاعد يرجع الى أن القرار أثار عددا من فئات المجتمع. فأسلوب القرار البعيد عن الأسلوب التربوي والمتضمن تهديدا ضمنيا أثار المعلم الذي هو المستهدف الأول من القرار. وأثار القرارأيضا المؤيدين لعقاب الطلاب في المدارس لاعتبارات شتى وتبريرات مختلفة. وهناك من أيد القرار ووجد فيه خلاصا للطلبة من صرامة وشدة بعض المعلمين الذين وصل بهم الأمر إلى الاستهتار بسلامة الطالب البدنية النفسية. مبررات كثيرة طرحت من هذا الفريق أو ذاك لمناقشة موضوع الضرب الذي كان يجب أن يكون حديث القرن الماضي. لكن.. لا عتب نحن في العالم الثالث!
القرار الوزاري البعيد عن الأسلوب التربوي والذي يطالب فيه المعلم بإرساء عملية تربوية هو حجر العثرة في تطبيق هكذا قرار. وقديما قيل فاقد الشيء لا يعطيه. هناك إجماع تربوي بأن الضرب هو نوع من العقاب الذي يجعل الطالب يشعر بعدم الأمن واالأمان في بيئته المدرسية التي من المفترض أن تكون بيئة آمنة وسليمة من أية منغصات تؤثر على تعلم الطلبة. الا أن الأهم من ذلك هو أن هذه البيئة ليست هي البيئة الوحيدة من حول الطالب التي تستخدم الضرب من أجل معاقبة الطالب. حينما تعجز المؤسسة التعليمية أن تتعامل مع المعلم وهو الحجر الأساسي في العملية التعليمية بالمنطق التربوي فهذا المعلم سوف يكون عاجزا عن التعامل مع طلبته بمنطق يختلف عن المنطق العام السائد في المجتمع الذي يعيش فيه. هذا ليس تبريرا للمعلم ليتبع أسلوب الضرب وإنما لرفع وعي وزارة التربية الى أخطأ الأساليب التي تستخدمها في العملية التعليمية. الوزارة لابد أن تدرك حقيقة واقعية وهي أن الإنسان مرآة للمجتمع الذي يعيش فيه. وحينما يعجز المعلم والمسؤول التربوي والاب والام والبيئة الإجتماعية في إقرار أسلوب متحضر في تعاملهم مع بعضهم البعض حينها سيكونون أعجز عن إرساء أية قواعد سليمة.
موضوع منع الضرب من عدمه موضوع شائك. فعملية معاقبة الطالب أو الطفل تكون ضمن نظام تربوي شامل لا يمكن تجزئتها الى قطع. هناك صورة متكاملة في عملية العقاب والحساب والثواب والجزاء وهذه الصورة لا تصلح أن تكون فاعلة حينما تتم تجزئتها. فلا يمكن للوزارة أن تجزئ العملية التعليمية كقطع تركيب الـ puzzle ، لأن الصورة لن تكتمل إلا بوضع جميع القطع معا وإلا فلن تكون هناك صورة متكاملة ومتجانسة. عملية الضرب عملية كما أسلفت منبوذة عقليا ودينيا ومنطقيا إلا أن علاج مسألة الضرب لا يمكن أن تتم بمعزل عن الحالة الإجتماعية بشكل عام.
حينما منع الضرب في الغرب، فإنه منع في المدرسة وفي البيت و في المجتمع و وضعت له ضوابط وأنظمة وقوانين تعاقب من يمارس الضرب سواء في البيت أو الأسرة أو المدرسة، ووضعت له بدائل على المستوى الوطني. وبهذا تغير أسلوب الخطاب والتعامل مع الطالب ومع المعلم ومع كل فرد من أفراد المجتمع وفق أنظمة وقواعد وممارسات أقرها النظام العام. في حالة غياب هذه الصيغة الكاملة لمنع عملية الضرب فإنه يتحول إلى عملية ترقيعية، ورغم ذلك فلابد أن يكون ترقيعا متقنا وليس قرارا وزاريا سريعا يهدد هذا وذاك. لابد أن تكون العملية الترقيعية لإقرار نظام منع الضرب ضمن صورة تستطيع الوزارة إقرارها تبدأ من مبنى الوزارة ومن أعلى مسؤوليها لتمد بأذرع حانية ترسل قراراتها إلى المدارس من أجل تشجيع أساليب تربوية في تعامل المعلم مع الطالب. وحبذا لو عقدت الوزارة ندوات دورية لتشجيع بعض الممارسات البديلة للضرب وتشجيع المعلمين في ابتكار أساليب مبدعة في كيفية تشجيع الطالب وتحفيزه على الاهتمام بواجباته كطالب وتشجيعه على السلوكيات السليمة والممارسات الراقية. وأيضا من الجيد في العملية الترقيعية أن لا ننسى المجمتع والأسرة و نمد إليهم يد العون في فهم أساليب بديلة للتعامل مع الأبناء. وهناك الكثير ما يمكننا عمله لإقرار اساليب راقيه في التعامل مع الطلبة. لكننا قبل ذلك بحاجة إلى أن يكون المسؤولون في وزارة التربية و التعليم مستعدين وراغبين في التغيير.. و لإعادة النظر!