السبت، 15 أكتوبر 2011

تمكين المرأة مسؤولية مشتركة

أثارت ندوة المرأة التي أقامتها وزارة التنمية الاجتماعية الكثير من التساؤلات حول تمكين المرأة. وتفرعت تلك التساؤلات عن أسئلة تستجوب الرجل والمرأة وتحقق مع العادات والتقاليد ...



أثارت ندوة المرأة التي أقامتها وزارة التنمية الاجتماعية الكثير من التساؤلات حول تمكين المرأة. وتفرعت تلك التساؤلات عن أسئلة تستجوب الرجل والمرأة وتحقق مع العادات والتقاليد وتستفهم حاضر وماضي المرأة خلال السنوات الأربعين للنهضة المباركة.
اتسمت الندوة بمحاولات جادة في استنهاض الهمم لدراسة الأسباب التي حالت بين المرأة وبين تحقيق حضورها في مجلس الشورى في دورته الماضية.
وحاولت الندوة أيضا الإضاءة على السبل أو الوسائل التي تساعد المرأة على تحقيق تقدم يؤهلها لشغل مقعد في مجلس الشورى.
وقد طرحت الكثير من النقاط من قبل متحدثين تنوع تخصصهم ومستواهم في شؤون المرأة وانتهت بإثارة الكثير من علامات الاستفهام للحضور من مثقفين ومهتمين ومعنيين بالمرأة في وطننا الحبيب.
تمكين المرأة له عدد من الدلالات بحسب البيئة أو القطر الذي يعيش فيه الفرد. فحين نقول تمكين المرأة العربية فيفهم منه تلك النظرة التقليدية للمرأة العربية المسحوقة الحقوق. وحين نقول تمكين المرأة الغربية فهنا نسأل: وهل المرأة الغربية بحاجة الى أي تمكين أو استقلالية؟
النظرة التي أطرت بها المرأة العربية حتى بعد أن نالت شهادات واقتحمت مختلف الميادين هي أنها ما زالت تحتاج الى أن تُمَكَّنَ من وضع قدميها في ساحة الوطن.
وهذه النظرة الى المرأة العربية والشرقية بشكل عام بقيت خاصة بها لا تشاطرها المرأة الغربية فيها، رغم أن المرأة الشرقية اقتحمت ساحات أوسع من بينها تولي منصب رئيس دولة، في حين ما زالت المرأة الامريكية لا تعد مؤهلة له.
كما أن المساواة في التعامل على الصعيد الوطني بالرواتب من المآسي التي تعاني منها المرأة الأمريكية في بعض من جامعاتها وشركاتها ومؤسساتها.
أما المرأة العربية أو المسلمة بصفة عامة فقد لعبت أدوارًا مهمة عبر التاريخ الإسلامي والعربي في مختلف مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها.
في السلطنة اخذت المرأة دورها بفاعلية خلال سنوات قليلة من عمر النهضة.
وخلال هذه السنوات انتقلت المرأة كما الرجل في المجتمع العماني من مرحلة ما قبل الشهادات الى مرحلة حاملي الشهادات الجامعية وأصحاب شهادات عليا في مختلف الميادين.
وقفزت المرأة العمانية التي كانت الى عهد قريب تعتمد بشكل كبير على الرجل في حركتها أو تصريف أمورها الى امرأة تدير مؤسسات مالية وتجارية وغدت قادرة على التحرك والسفر والترحال بحرية.
هذه التحولات لم تكن لتتحقق لولا ذلك التغير الحادث في فكر المجتمع وفي نظرته تجاه المرأة. لقد أشار أحد المتحدثين إلى نقطة مهمة في سياق حديثه وهي أن التمكين يأتي من نقطتين: القدرة القانونية والحالة الاجتماعية (بمعنى تقبل المجتمع لدور المرأة). وكلا هاتين النقطتين منطبقتان على حالتنا العمانية خصوصا من جهة القدرة القانونية.
الحالة العمانية شأنها كشأن أية ظاهرة اجتماعية تخضع لسنن الحياة. فالتغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها وتغيير العقول والاتجاهات من أصعب أنواع التغيير. وهذا النوع من التغيير يختلف عن التغيير في المسكن والمشرب والطرق والمباني.. إنه تغيير في المفاهيم ومن ثم السلوك. ومن أجل أن يحدث تغير فعلي في سلوك الأشخاص والأفراد فلا بد أن يلامس ذلك التغيير ذات الفرد ووجدانه.
وفي المجتمعات الإسلامية لدينا رصيد كبير من التراث والتعاليم والمفاهيم التي لا بد من الاستفادة منها في عملية التغيير بدلاً عن تبني أطروحات غريبة عنا كأطروحة "الاستقلالية المالية" التي أشارت اليها إحدى المتحدثات في الندوة واستحضرتها كمثال حي من تجربتها.
الاستقلالية المالية ما هي الا فرع بسيط وجزئي وقد يتحول الى عامل سلبي اذا أصبح هدفا بحد ذاته.
إننا ندرك صدى وأثر الدين على مجتمعاتنا الإسلامية المحافظة.
فطرح صياغة مستوحاة من المضامين الإسلامية في مجال حقوق المرأة والرجل وواجباتهما بلغة العصر وأدواته سوف يؤسس لفهم عميق ذي أبعاد تكفل للمرأة حقوقها بشكل عام وتجيز لها مشاركاتها البناءة. وقد أشار أحد المتحدثين في الندوة إلى فكرة جوهرية وهي: "اننا بحاجة الى الكيف وليس الكم.."، فلا يعنينا عدد النساء المتمثلات في مجلس الشورى بقدر ما يعنينا مؤهلاتهن وقدراتهن وامكاناتهن في تمثيل متميز. فالمرأة العمانية (ولله الحمد) لا تعيش الدونية والإحساس بأنها أقل من الرجل أو أنها بحاجة الى من ينتشلها من وضع ما.
إن المرأة العمانية قد كفل لها الإسلام حقوقا وجاء القانون العماني ليضمن لها سريان تلك الحقوق.
فاختيار المرأة لتتمثل في مجلس الشورى لا يجب أن يكون الا عن كونها الأكفأ والأقدر.. وإلا فالرجل ما هو إلا أخ أو أب أو زوج أو ابن لها والواحد منهما يكمل الآخر.
ما لفت انتباهي في هذه الندوة هو الفرد أو المواطن العماني بكلا شقيه الرجل والمرأة ودوره الريادي وحضوره وقدرته في بلورة احتياجاته من غير استيراد أفكار أو مشاريع خارج إطار الوطن الحبيب.
والتغيير المرجو بأن يكون للمرأة دور مواز للرجل في الحياة السياسية من خلال مجلس الشورى متحقق لا محال له، لكننا لا بد أن نسلم لبعض من السنن الحياتية في عملية التغيير والتغير.
فبموازاة الجهود المبذولة وبوجود رؤية صائبة وقرار سياسي بناء وإصرار على التغيير نحو الأفضل نحتاج الى روية وقليل من الصبر. فلنعد النظر!..