الاثنين، 20 يونيو 2011

ليتنا على خطى القائد

كتبت يوما في إحدى رسائلي إلى مسؤول حكومي أن “ الأوامر السامية توجهنا نحـو نقطـة التفكير بالإنسان العمانـي .. الإنسان صاحب الفكـر والهمة والعطاء من أجل بناء هذا الوطن الحبيب...

كتبت يوما في إحدى رسائلي إلى مسؤول حكومي أن “ الأوامر السامية توجهنا نحـو نقطـة التفكير بالإنسان العمانـي .. الإنسان صاحب الفكـر والهمة والعطاء من أجل بناء هذا الوطن الحبيب.
في هذه المناسبة التي أرى فيهاالتوجيهات السامية لصاحب الجلالة تتوالى تباعا وخاصة الأوامر التي تهدف الى استيعاب القدرات البشرية في هذا الوطن بتخصيص 100 مليـون ريال عمانـي من اجل رفـد الموارد البشـرية لعماننا الحبيبـة بكفاءات تحمـل درجة الماجستـير والدكتوراه في شتى مجالات المعرفة ، أرى ان موردا بشريا شق طريقا ليس باليسير من أجل ان يكون كفاءة عمانية من اجل تحقيق نفس الغاية للمكرمة السامية ، أضحى (هذا المورد) مع الأسف الشديد ...” مقصيا في احدى زوايا وزاراتنا.
ما هو الإنسان في نظر هؤلاء المسؤولين في وزاراتنا ومؤسساتنا؟ وما هي معاني الاقصاء والتجميد؟ ولماذا تستخدم هذه الاساليب في المؤسسات العامة التي هي ليست ملكا شخصيا لأحد؟ وما هو مفهوم المورد البشري في فكر هؤلاء المسؤولين الذين يتربعون على كراسي المسؤولية ليقصوا من يرغبون في اقصائه ويقربوا من يرغبون في تقريبه؟ وهل تخضع عملية الاقصاء والتقريب لأية اعتبارات او تقوم على اية اسس انسانية؟ وكيف يمكن فهم علميات الاقصاء والتجميد على ضوء مفهوم المواطنة الصالحة؟
لقد تشكلت هذه الاسئلة وغيرها لردح من الدهر في أذهان الكثيرين ممن مورس الإقصاء والتجميد بحقهم. ومحاولاتهم لفهم الأسباب والعوامل التي حالت دون مشاركتهم تبددت تحت خوف المسؤولين من المواجهة الحقة. وفوانيسهم المضاءة في الدروب الضيقة لم تلق من تلك العقول العفنة التي ألِفَتْ ضِيقَ القعر سوى ان تحسب أن النور المنساب من تلك الفوانيس ليس إلا لهبا يلسع جلودهم المطمورة في اوحال الذاتية فعميت عن رؤية حقيقة النور. ومن هنا تنبثق تلك الثنائية المتناقضة أو الفجوة التي نعيشها. فكلمات المسؤولين ترقى إلى أجمل ديباجاتها وهي تصدح بأهمية الاهتمام بالكفاءات الوطنية ، لكن واقع تلك الديباجات لا يلبث إلا ان يتساقط لاعتبارات عدة منها على سبيل المثال: مواطنة الكفاءة ووطنيتها التي تتجلى في كامل قدرتها لتقول للصحيح صحيح وللخطأ خطأ. وتارة أخرى فإن الهوى الذاتي للمسؤول الذي ضيَّقَ به أفقه عن النظر إلى ما حوله من كفاءات ليتبنى من هم من جنسه أو نوعه أو ... وغيرها من الأسباب اللاإنسانية. هذه الازدواجيات هي التي حدت ببعض المسؤولين إلى إبعاد كفاءات وطنية عن تمثيل البلد في مؤتمر إقليمي واستبدالهم بأخرى اقل أو بلا كفاءة في ذلك المجال. و يعجز الواحد عن إدراك حقيقة هذه التصرفات التي تعادي الوطن وقيادته قبل ان تقرر تجميد او استبعاد الكفاءات الوطنية ، فكأنه يحلو له التشهير بالوطن أمام الغرباء: “بأننا في وطن بلا كفاءات.”
إن الازدواجية التي نلمسها عند بعض من مسؤولينا وتكريسهم لمفهوم الاقصاء والتجميد بحق كفاءات الوطن جريمة لا تقل عن سرقة أو سلب المال العام. و لجان حقوق الانسان التي سخرت لحماية الانسان لا بد لها من ادراج كفاءات الانسان العماني المسلوبة في بعض من مؤسسات الوطن لتقوم بعملية الاستقصاء ومن ثم الحماية . فلولا الاحساس بالامان الذي يركن اليه هؤلاء المسؤولون من ان تطالهم العقوبة لأعطوا لكل كفاءة دورها ولما تم احتكار الادوار بين نفس الوجوه التي شاب الجميع من النظر اليها. ان عملية الاقصاء والتجميد تستهدف ذات المواطن أو الموظف عن طريق سلبه لجميع حقوقه وتحويله (الا ما رحم ربي) الى شخص متهالك. وان الممارسات التي يقع الموظف تحتها من جراء الاقصاء تتعدى عملية حرمانه من عمل يتلاءم مع وضعه وامكانياته ليحرم بالتالي من كل وسيلة في مجال نموه المهني او تعامله بعدالة ومساواته بزملائه في العمل والكفاءة والمؤهلات. في الوقت الذي يقوم المسؤول بتوزيع المهام والمسؤوليات بين من يهزون رؤوسهم بكلمات التبجيل والتقدير، تتوزع الادوار لتشمل عددا محددا فقط من هؤلاء الناعقين لانجاز بروفات مسرحية غير متكاملة العناصر.. ولهذا يكون الفشل دائما نتيجة ذلك التخبط. ومع تنامي اخطبوط التجميد والاقصاء الذي غدا متوارثا بين هؤلاء المسؤولين نسي المسؤول ان بين جدران المؤسسة التي يديرها كفاءات لا بد من الاستفادة منها وان اليد التي طالما تم التصفيق لها لم تعد من القوة لدفع عملية التغيير التي ينشدها المواطن... فمن الحكمة النظر من أعلى التلة بدلا من الغرق بين أفول الماضي!
قلت يا ليتنا نتعلم من القائد.. ان عملية رصد هذا المبلغ الكبير من أجل بناء المواطن العماني ينطلق من الانسجام بين القول والعمل.. وان الاهتمام بالكفاءة العمانية ورقيها هي تحدٍ لمواجهة مستقبل افضل.. ولحمل هذه الامانة نحتاج الى أمناء.. فلنعد النظر!.