الأحد، 9 أبريل 2006

منهجنا ومناهجنا

أعاد المؤتمر الوطني الكويتي لتطوير التعليم الى الأذهان الأحداث التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. حيث عاش العرب والمسلمون حالة استنفار ودفاع عن معتقداتهم ...


أعاد المؤتمر الوطني الكويتي لتطوير التعليم الى الأذهان الأحداث التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. حيث عاش العرب والمسلمون حالة استنفار ودفاع عن معتقداتهم وبرامجهم وهوياتهم. وأيضاً عاشوا حالة الاستباق نحو تحقيق المتطلبات الدولية أو بالأحرى الأمريكية التي أرادت أن تغير وجه العالم العربي والإسلامي. فأعيدت صياغة الكثير من القوانين وتم استحداث البعض الآخر منها لتتماشى مع هذه المتطلبات. فمن الأمور التي تم التركيز عليها إثر تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر هو أن المناهج الدراسية في العالم الاسلامي تركز على العنف، وانطلاقاً من ذلك فإنه من الضروري تغيير تلك المناهج لتتلاءم مع روح العصر الداعي الى السلم والديمقراطية والحرية.
لا شك بأن عملية تغيير المناهج الدراسية انطلاقاً من التقييم البناء الذي يستهدف شحذ همم الأبناء نحو القيام بدور فاعل لمواجهة تحديات المستقبل هو جزء من الرسالة التربوية التي تستحق النظر فيها بكل عزم واهتمام، وتستحق بالتالي عقد مؤتمر وطني لها للعناية بها. ذلك لأن مستقبل الأمة والوطن في الكثير من الأحيان لا يصنعه أصحاب الفعل السياسي فحسب، وإنما يشارك التربويون في رسم الكثير من ملامحه المستقبلية. والمناهج الدراسية تلعب دوراً كبيراً في تربية أبناء اليوم وقادة المستقبل (كما يقولون) من أجل الرقي بالوطن والأمة. ولهذا فإن خطوة النظر في المناهج التعليمية وتطويرها هو فعل حضاري مشرق، لكن هذا الفعل كغيره من الأفعال الكثيرة تتوقف درجة مصداقيته على الدوافع والأهداف التي تحركه.
فعلى سبيل المثال تحركت الولايات المتحدة عام 1957 وبدافع التحدي والأمل في تحقيق تقدم حضاري على أثر التقدم الروسي في المجال الفضائي لتعلن تغييراً في مناهجها في مادتي الرياضيات والعلوم. ومرة أخرى وفي عام 1980 تحركت الولايات المتحدة لتزويد المدارس بميزانية احتياطية لدعم برامج الطلبة الموهوبين منطلقة من خوفها من منافسة الاقتصادين الألماني والياباني واللذين كانا يشكلان تهديداً لها. ولم يقف أمر تلك الأمة التي كانت تبحث عن الرقي إلا أن تظل يقظة تتحدى وتواجه جميع التحديات بصبر وهمة. ففي عام 1983 رفعت وثيقة الى وزارة التربية والتعليم الأمريكية تضمنت إعلاناً مفاده بأن “الأمة في خطر”. وقد أوضحت الوثيقة أن الخطر الذي يواجه الأمه الأمريكية تمثل في أن المؤسسات التعليمية فقدت البصيرة في معرفة الهدف الأساسي من التعليم (Schooling). كما أن التقرير تضمن الكثير من النقاط المهمة التي تشكل الاساس لرقي أية أمة من الأمم. لهذا نرى أن الأمم المتقدمة لا تتقدم الا بعزيمة أفرادها وإرادتهم وهذه العزيمة والهمم لا تولد إلا من قادة يحملون ذلك الهم في التحدي والتغيير. وهذا التحدي لن يكون له نهاية إلا حين تقرر الأمة أن تنحدر نحو السقوط.
نقل أستاذ من إحدى الجامعات الأمريكية المرموقة في مجال برامج الموهوبين عن زيارة فريق ياباني مكون من أساتذة تربويين، وقد كان هدف الفريق هو دراسة العوامل المؤثرة في عملية خلق الإبداع والابتكار عند الطالب الأمريكي. فحسب تحليل هذا الفريق أن عنصري الابداع والابتكار مفقودان في المناهج اليابانية في وقت تشتد الحاجة إليهما في ظل التطور العالمي. فدور المناهج يتعدى العملية التعليمية ليشمل بناء طالب مبدع ومبتكر وهذه حاجة عصرية لخلق جيل يلج في تحديات القرن الحادي والعشرين.
رغم عدم اقرارنا بالسياسة الأمريكية في دولنا، لكن نرجو أن نحذو حذو الولايات المتحدة في ما يتعلق بدفع الخطر عن أمتنا، فأمتنا في خطر حقيقي. ولنعيد بناء مناهجنا وفقاً لثقافتنا وتعاليم ديننا ولنثمن لغتنا العربية التي أصبحت (مع الأسف) غريبة حتى بين أبنائها وفي مدارسنا. إن الوثيقة الأمريكية “الأمة في خطر” أشارت الى نقطة يجب الانتباه اليها والاستفادة منها، وهي “لو أن قوة خارجية غير صديقة حاولت أن تفرض على الولايات المتحدة واقعاً تربوياً سيئاً مثل الواقع الحالي (الواقع التعليمي لأمريكا في ذلك الوقت)، فإن من المحتمل أن نعتبر تلك المحاولة بمثابة إعلان حرب علينا”. إننا على ثقة بأن المؤتمر الوطني الكويتي لتطوير التعليم لم يعقد استجابة لأية إملاءات من دول غريبة لا تريد الخير للكويت وشعبه الشقيق.

fa_anwerk@yahoo.com