الثلاثاء، 7 مارس 2006

استحقاقات

هناك استحقاقات عديدة على دول العالم الثالث أن تنجزها لتستحق أن يكون لها شأن في “العالم المتحضر”. في البدء كان موضوع تطهير الأرض من بؤر الإرهابيين الذين لا يعرف لهم موقع ....

هناك استحقاقات عديدة على دول العالم الثالث أن تنجزها لتستحق أن يكون لها شأن في “العالم المتحضر”. في البدء كان موضوع تطهير الأرض من بؤر الإرهابيين الذين لا يعرف لهم موقع ولا وجود. قد يكونوا ضمن عالم الأشباح أو قد يكونوا مختبئين وراء من يدعو إلى تطهير الأرض منهم. الإرهابيون كظاهرة تعدت لتصبح سمة كل مسلم، وبالأخص العربي سواء كان مسلماً أو كان غير ذلك. فسمات العربي لا توحي إلا بالإرهاب وكل متعلقات العرب تفوح منها رائحة الإرهاب. وهذا الاعتقاد على أن العربي أو المسلم “إرهابي” أصبح من المسلمات عند البعض من الغربيين حتى أصبح يخيفه رؤية شخص شعره أسود وعينيه سوداوين، كما عبرت عن ذلك إحدى الزميلات. فابتسمت لها، وقلت: “حالي لا يختلف عن حالك بل إنني أشعر بخوف مضاعف لأنني أخاف حتى من الشخص الأبيض بعد ما قرأت عن ماضيه بحق الهنود الحمر وعن حاضره في العراق وأفغانستان وسجن أبوغريب وجوانتانامو مرورا باليابان وفيتنام ...الخ”
ولأن “الإرهاب” يعشش في العالم الإسلامي، فالمواطن الأمريكي لا يشعر بالأمان من إبرام عقد تجاري مع شركة إماراتيه لإدارة موانئ أمريكية. ففي تقرير إخباري على قناةCNN  الإخبارية حول الصفقة الإماراتيه، شد انتباهي رأي لأحد المشاهدين ارتكز على عدة نقاط أهمها: أن الشركة عربية والعرب يدعمون الإرهاب، ويريدون فناء “إسرائيل”، ولا يعطون المرأة حقوقها. فإعطاء المرأة حقها هو من أهم الاستحقاقات. فالمرأة في العالم العربي أو الإسلامي (حسب اعتقادهم) ليس لها أي رأي أو حرية، فهي تابعة أو بالأحرى أمة للرجل. ومن متطلبات أن تكون ضمن العالم المتحضر أن يُطلق للمرأة عنانها.
في إحدى الانشطة التعليمية عرضت على مجموعة من طلبة الدكتوراه في إحدى الجامعات الأمريكية عدة صور لنساء عربيات، وسألتهم: “أية صورة من هذه الصور تعكس في ذهنك صورة للمرأة العربية؟” معظمهم اختار صورة المرأة ذات العباءة السوداء التي لا يرى منها سوى عينيها. حدث ذلك وأنا أمامهن أمثل المرأة العربية المسلمة. وحينما سألتهم: “لماذا؟” أجابوا: “ان هذا ما تعودنا رؤيته عن المرأة العربية”. لم يقتصر تأثير وسائل الاعلام في القطاع العام من الشعب الأمريكي وإنما امتد حتى إلى بعض من النخب المتعلمة. ففي أحد المؤتمرات التربوية قدم محاضر معروف في المجال التربوي وصاحب نظريات في مجال تعليم الموهوبين ورقة عمل جميلة. وخلال استعراضه للورقة استعرض بعض الرسوم الكاريكاتيرية عن المجتمع الأمريكي إلا أنه لم ينس أن يضمن مجموعته كاريكاتيرا عن العرب. فعرض كاريكاتيرا لرجل عربي على جمل يتقدم زوجته التي تركب جملاً آخر ومعها طفلها مع تعليق مضحك أسفل الصورة. وردا على سؤالي عن السبب في تقديم مثل هذا الكاريكاتير الذي يصور العربي كأبله يسحب زوجته من خلفه بلا احترام. أجاب: “لقد عرضت رسومات أخرى من هذا النوع عن المجتمع الأمريكي أيضاً”. فأجبته: “أنت حر في أن تعرض ما تشاء عن مجتمعك، فأنت حين تعرض تلك الرسومات تعرضها عليهم في مجتمعهم، وهم يستطيعون أن يحتكموا إلى الواقع لمعرفة الصواب من الخطأ لكن إلى أي واقع يحتكمون لمعرفة أساس هذا الكاريكاتير الذي عرضته عن الإنسان العربي؟ إلى السينما الأمريكية أم إلى وسائل الإعلام المقروءة أم إلى التلفاز؟ فجميعهم يهدفون إلى تشويه سمعة العربي ووضعه في بوتقة “الإرهابي”. اعتذر البروفيسور عن ذلك.. لكن.. الاستحقاق الأكثر أهمية في نظرهم هو الديمقراطية. وأنا لن أخوض فيه لأن المصطلحات أصبحت تحمل معاني غير التي عرفتها. فما هي الديمقراطية من وجهة نظر “العالم المتحضر” يا ترى؟

* كاتبة عمانية