الخميس، 9 أكتوبر 2014

فرقعات إعلامية!

"فرقعة إعلامية" أو "هرطقة إعلامية" مصطلحات مختلفة تستخدم للتعبير عن حالة اللاتصديق واللاثقة من الأخبار السارة التي تُسمع بين الفينة و الأخرى في بلدننا الحبيب. هذا هو الرأي السائد...
المقال منشور في جريدة عمان الصفحة الاقتصادية كما بلغني.. لا أعرف اليوم أو التاريخ. المفترض أن ينشر عمودا لكن الحرية المتاحة لا تسمح بالنقد! 
المقال لا يوجد له وصلة .. لماذا؟ 
"أكبر فرقعة إعلامية هي الصحافة في بلدي!!"


"فرقعة إعلامية" أو "هرطقة إعلامية" مصطلحات مختلفة تستخدم للتعبير عن حالة اللاتصديق واللاثقة من الأخبار السارة التي تُسمع بين الفينة و الأخرى في بلدننا الحبيب. هذا هو الرأي السائد لدى الكثير من أفراد الشعب تجاه تلك الأخبار التي تحمل في طياتها الأمل بتغييرات إيجابية. وهذه التغييرات المأمولة والتي نرجو أن تكون واقعا يوما ما تُعلِن عنها الصحف في مانشيتات وعناوين واضحة للعيان أو يتم الإعلان عنها بطريقة رسمية عبر الإعلام المكتوب أو المسموع. كما أنها تعرض بهيئة أكثر بروزا حيث يتم الإعلان عنها عبر مقابلة مسؤول الذي يعتمد حجمه حجم الخبر الذي يعلنه. فالخبر ذو الحجم أو الثقل الكبير يعلِن عنه شخصٌ ذو مرتبة كبيرة في المؤسسة والأخبار ذات الأحجام الصغيرة يعلن عنها الصغار. و لا ضير في ذلك فهذه الاستيراتيجية تضفي بعض المصداقية على الأخبار أو العلوم التي يراد نشرها. فمثلا حينما نسمع خبرا عن استغناء الطيران العماني عن الدعم الحكومي بعد ثلاثة أعوام، فإن هذا الخبر لا يمكن أن يشكل أية مصداقية إذا سمعناه من مدير إداري صغير أو من طيار مخضرم،  لكن أن نسمعه من الرئيس التنفيذي للطيران العماني بول جريجوريتش في مؤتمر صحفي فهو بلا شك سيجعلنا أو من المفترض أن يجعلنا نصدق ذلك. فالرئيس التنفيذي للطيران العماني ذكر في مؤتمر صحفي بأن " الشركة أجرت دراسة شاملة ووضعت خطة استثمارية لعشر سنوات، مشددا: انه على الشركة أن تعتمد على الاستثمار الذاتي والاستغناء عن الدعم الحكومي في غضون ثلاث سنوات."

هذا الخبر مثله مثل الكثير من الأخبار السارة التي وصلتنا سابقا بشأن الباصات المدرسية أو تطوير المناهج التعليمية أو المباني المدرسية أو المعايير التربوية للمناهج وغيرها من الأخبار من جهات حكومية مختلفة لكننا لم نسمع بعدها سوى عن نتائج غير سارة. فالأخبار السارة التي وردت من وزارة التربية و التعليم جعلتنا نتوقع ان الدراسة التي قام بها مجلس الشورى مؤخرا سوف تكون في غاية الروعة مخالفة بذلك توقعت الأهل والمعلمين، ولكن مع الأسف أتت مطابقة لما يتناول في الحياة العامة ومخالفة لتلك الفرقعات الإعلامية. فبعد كل تلك الملايين التي تصرف على التدريب و الميزانيات التي ترصد لتطوير المدارس والاهتمام بالطلبة تأتي النتائج حسبما ذكر في دراسة المجلس "وضعنا ” مخجل ” وصورة المعلم في المجتمع أصبحت” مشوهة". فقد أوضحت الدراسة التي تقارن وضع السلطنة خلال السنوات الماضية حسبما هو منشور في جريدة الزمن "أن متوسط درجات السلطنة وقتها (2007) أعلى من أكثر دول مجلس التعاون الخليجي فكانت الثاني بعد دولة البحرين أما نتائج دورة 2011 فقد جعلتنا في ذيل القائمة في القراءة للصف الرابع والرياضيات للصف الثامن، لقد تراجعت نتائج الرياضيات في الصف الثامن بمقدار 7 درجات عن نتائج 2007 وهذا جعل دولا مثل المغرب وسوريا واندونيسيا والسعودية وفلسطين أعلى في نتائجها ولم نجد من نتقدم عليه سوى غانا."

آخر هذه الأخبار التي نرجو ألا تصبح فرقعة كسابقاتها من الفرقعات هي ما سمعناه حول تخفيض سعر الأدوية الطبية بنسبة 60%،  حيث إن سعر الدواء في السلطنة هو الأعلى بين دول منطقة الخليج. هذه أمثلة بسيطة  للكثير من تلك الفرقعات التي كنا ومازلنا نتظر نتائجها إلا أن معظمها ومع الأسف لم "تتمخض لتلد حتى فأراً".

يستخدم بياجيه عالم النفس السويسري المعروف مصطلح (Schema or scheme)  بمعنى (صورا ذهنية) ليصف مرحلة من المراحل التي يمر بها الاطفال في اكتساب معارفهم . وهذا المصطلح يعني أن مجموعة الأفكار والتوقعات والأفعال تتلازم في الذهن مع صور وأحداث معينة تنتج من تجارب سابقة يمر بها الإنسان. فالتجارب الإيجابية تتشكل في صور إيجابية وتتلاحم مع ما حولها من تجارب وهكذا الحال بالنسبة للتجارب السلبية. وتعدد الفرقعات الاعلامية الخاوية من أي مضمون شكلت صورا سلبية في ذهن المواطن. إلا أن تلك ليست نهاية الأمر.. فإمكانية التغيير واردة وممكنة. يستخدم بياجية مصطلحا آخر هو: " Accommodation".  وهذا المصطلح الذي يمكن ترجمته بـ (تكييف أو توفيق) يعني إيجاد "schema" جديدة تغير ما ترسخ في الذهن من صور سابقة. وهذا المصطلح يُعنى بالتغيير، ومن أجل تحقيق تغيير إيجابي يقضي على التجارب السلبية المصاحبة لتلك الفرقعات ويُكَوِّن تصورات إيجابية محلها فهناك حاجة ملحة الى وضع تلك "الفرقعات الإعلامية" في معمل إعادة التشكيل. . ومصطلحا (الإرادة) و (التغيير البناء) مازال لهما عبقٌ في ذاكرة العماني و من أجل ذلك ...نأمل إعادة النظر!