الثلاثاء، 15 مارس 2011

الأجنبي والوافد أولا.. (2)

هي إذن عقدة الأفضلية التي تعشعش في أذهاننا تجاه ما هو خارج نطاق وطننا وعماننا. فأي شخص يحمل جنسية غير جنسية هذا الوطن تراه يحتل أعلى المراتب الا اللهم أولئك الذين عرفوا على مدى التاريخ بـ VIP...

http://www.alroya.info/ar/alroya-newspaper/internal/16950----2 

الأجنبي والوافد أولا.. (2)
هي إذن عقدة الأفضلية التي تعشعش في أذهاننا تجاه ما هو خارج نطاق وطننا وعماننا. فأي شخص يحمل جنسية غير جنسية هذا الوطن تراه يحتل أعلى المراتب الا اللهم أولئك الذين عرفوا على مدى التاريخ بـ VIP. اللهم اشهد فإنني لا أعنيهم بمقالي هذا فهم بأي حال يشاركونني المواطنة!
فأينما توجهت وإلى أية جهة وليت وجهك أو أنى التفت فسترى ان كل من لا يحمل الجواز العماني الذي يشع بهاء يرتفع عنك بدرجات؟ ترى ما العيب في هذا اللون القرمزي؟
قديما تغرب الآباء والأجداد بين مختلف البلدان والمعمورات بحثا عن لقمة عيش .. تغربوا طويلا خارج هذا الوطن ليعيشوا بعز وإباء. ولكن حين فاضت خيرات هذا البلد، فإن تلك الخيرات فاضت على الغريب وقتر رزقه على القريب! أليس ذلك من عجائب الدهر أن ترى أنه حين أتى الأبناء مشمرين سواعدهم ليشموا عبقا من فيض خير وطن بني بغربة وعرق الآباء والأجداد، وجدوا أن الغريب أضحى منعما فيه؟ لماذا هذه الازدواجية في المكاييل؟
هناك عدة مكاييل تقاس به نعم وخيرات هذا الشعب من بينها ما نسميه "الراتب". القطاعات العامة أو القطاعات الخاصة سيان في ما تلحقه من ضيم وظلم على المواطن العماني. فمن دواعي سرور المسؤول العماني أن يقدم الراتب المضاعف لغير العماني ولكنه يستكثر ذلك على العماني. خذ أي قطاع سواء التعليم أو التجارة او المصارف (حدث ولا حرج) أو الشركات سواء المملوكة من العمانيين او غيرهم أو أي قطاع .. وقم بتجربة صغيرة عن مؤهلات الشخص العماني ومؤهلات شخص آخر من غير العمانيين ـ تجد أن العماني بنفس الكفاءة يتقاضى راتبا اقل من غير العماني.. فلماذا؟؟
فكما هي عادة الشعوب العربية والآسيوية في عقدة النقص التي تلازمها تجاه صاحب البشرة البيضاء، هذه العقدة الأبدية كانت تجد لها المبرر في الكيل بمكيال آخر لصالحهم. قد يكون لونه الأبيض أو دمه الأحمر الذي ينعكس على بشرته البيضاء يسبب لنا بطء في العد والحساب وبهذا كنا نتجاوز ما هو متعارف على موازيننا وحساباتنا المتواضعة، إلا أن آلات الكيل والحساب والوزن أصابها من جرثومة التطور ما جعلها تحسب كل ذرة بدقة متناهية.. لكن الغريب أن هذه الآلات الدقيقة غدت تبخس ثمن العماني ليس أمام أصحاب البشرة البيضاء فقط وإنما حتى أمام الآسيوي وأخينا العربي! فعلى سبيل المثال في إحدى المؤسسات الحكومية التي تعرف باستقلاليتها عن الخدمة المدنية، هناك عماني ذو مؤهلات أفضل ويرأس الأجنبي، لكن من شماتة الدهر أن ذلك المرؤوس الأجنبي يتقاضى أكثر من ضعف الراتب الذي يأخذه رئيسه العماني.. ألا يدعو ذلك للاستغراب!
على أقل تقدير اذا كانت القوانين والأنظمة العالمية قد رفعت في وجوهننا أهمية مراعاة حقوق العاملين لدينا، فإن الأقربين أولى بالمعروف .. الأجنبي والوافد يأتي بقائمة طويلة من الحقوق (الراتب والتأمين وتعليم الأبناء والتذاكر) ومؤهلاته في هذا الوقت بالذات لا تختلف عن مؤهلات العمانيين فلماذا يحق له أن يتقاضى أضعاف ما نتقاضاه؟
كانت هذه واحدة من الشقشقات التي هدرتُ بها طالبة أن أعامل مثل ما يعامل السيد الأجنبي، ولكن ما كان يجب علي أن أشطح كثيرا بخواطري.. والحكمة هي ما يراه المسؤولين؟ أليس هذا هو منطق من هم على الكراسي؟
د. فاطمة أنور اللواتية