الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

عجيب أمر السياحة في بلدي!!!

كلمة "عجيب" من الكلمات التي ما أن تسمعها حتى يتبادر إلى ذهنك الزمن الأول، ذلك الزمن الذي كانت للقيم و العادات و التقاليد و تعاليم الدين مساحة واسعة في حياة الأفراد. تلك المساحة لم تستثن القريب...

المقال منشور في جريدة عمان صفحة (23) بتاريخ 27/8/ 2014 يوم الأربعاء 

المقال لا يوجد له وصلة ومع أنه عمود لكن لم يوضع في قائمة الأعمدة.. لماذا؟ 

"عجيب أمر الصحافة في بلدي!!"



كلمة "عجيب" من الكلمات التي ما أن تسمعها حتى يتبادر إلى ذهنك الزمن الأول، ذلك الزمن الذي كانت للقيم و العادات و التقاليد و تعاليم الدين مساحة واسعة في حياة الأفراد. تلك المساحة لم تستثن القريب عن الغريب لأن تلك القيم كانت من المسلمات التي لا يمكن التهاون فيها، فلهذا ظلت مرتكزة في أذهان من نشأ عليها. وإذا ما وجد من سار في الاتجاه المعاكس لها قيل له: "عجيب"!

كلمة عجيب لا تعني فقط الاندهاش أو التعجب والاستغراب، وإنما تعني بالمرتبة الأولى "الاستنكار".  فحينما يتعجب ذلك الأب الكبير أو الجد الأكبر المحترمين فإن تعجبهما ينطلق من استنكار الحالة التي وصلت اليها أية ظاهرة مخالفة للقيم التي حرصا على التقيد بها واحترامها، سواء كانت تلك الظاهرة من الدين أو كانت من العادات والتقاليد التي تعارف المجتمع عليها. لكن.. كلمة "عجيب" لم تعد تسمع هذه الأيام كثيرا.. "عجيب"!! إلا أنني حينما قرأت خبرا منشورا في جريدة "Times of Oman""  بشأن السياحة في بلدي لمعت كلمة "عجيب" في ذهني لتتشكل على لساني مستنكرة ذلك الخبر!

في هذا الصيف قرأنا الكثير من المقالات على الصحف العمانية عن وضع السياحة في عمان. كذلك أثيرت العديد من القضايا عبر شبكات التواصل التي تشير إلى ضعف السياحة في عمان وتقصير المسؤولين في توفير الراحة المطلوبة للسياح الذين يقصدون السلطنة في فصل الخريف للاستمتاع بالجو المنعش على أرضنا الخضراء في صلالة. إلا أن تلك المتعة التي يأملونها سرعان ما تخبت تحت وطأة الواقع السياحي المرير! وحينما قرأت الخبر المنشور في صحيفة وطنية موجهة لغير الناطقين بالعربية أدركت أن هناك خللا ما في فهم المتغيرات الأساسية للسياحة في أذهان بعض المسؤولين.

السياحة حسب فهم أولئك المسؤولين تنمو إذا تم استثناء الأجانب من القوانين العمانية المطبقة على العماني والمتعلقة باحترام قيم المجتمع المستندة في جلها على القيم الدينية. واستثناء السياح والأجانب المقيمين على أرض الوطن من تلك القوانين ينبع من حرص واهتمام المسؤولين في كسب السائح ورفاهية الوافد المقيم على أرض الوطن لئلا يشعر ذلك الغريب بالغربة عن وطنه Home sick""  كما يحلو لهم تسميته. لهذا فإن الخبر الوارد في تلك الصحيفة وبالخط العريض وفي الصفحة الأولى يقول (لا توجد خطة لإلزام السائحين والوافدين بالقانون المتعلق باللباس المحتشم "dress code"). فحسب المادة رقم 312 من قانون الجزاء العماني، فإن أي شخص يظهر في الأماكن العامة بصورة مخالفة للحشمة كما نشاهد نماذج لها على سواحلنا الجميلة أو يتصرف تصرفات تسيء إلى قيم المجتمع سوف يسجن بين يوم واحد إلى عشرة أيام، مع إمكانية تغريمه من 1 إلى 10 ريالات. لكن هذه العقوبة سوف يتم استثناء الأجنبي منها سواء كان مقيما أو سائحا لأن تطبيق هذه القوانين (حسبما ورد بالصحيفة) سوف يضر بالنشاط السياحي في السلطنة. إلا ان ورزاة السياحة (مشكورة) سوف لن تألو جهدا في توعية السياح على أهمية احترام عادات وتقاليد المجتمع العماني المحافظ.. لكن من غير معاقبة السائح إن فعل ما يخالف قوانينا في البلاد. فتلك القوانين الوطنية وجدت لتطبق على العماني فقط و يستثنى منها السائح والوافد المقيم على أرض الوطن. وبكل بساطة يتم مخالفة القانون للمصلحة العليا وهي "عدم الإضرار بالسياحة الوطنية". ولهذا سأكتفي بكلمة "عجيب" بدلا من المطالبة .. بإعادة النظر!