الأحد، 8 أبريل 2018

تجربتي مع أدب الأطفال في سلطنة عمان-3 لمحة سريعة عن أدب الأطفال في السلطنة


قد يكون من الصعب للمرء أن يتحدث عن نفسه إلا أن هناك عددا من الفعاليات في مجال أدب الطفل البعيدة عن المظلات الرسمية كنتُ المبادرة في إقامتهاففي شهر فبراير من عام 2012، طرحت أول ورشة لكتابة قصص...



http://alwatan.com/details/254405

قد يكون من الصعب للمرء أن يتحدث عن نفسه إلا أن هناك عددا من الفعاليات في مجال أدب الطفل البعيدة عن المظلات الرسمية كنتُ المبادرة في إقامتها. ففي شهر فبراير من عام 2012، طرحت أول ورشة لكتابة قصص الأطفال. وقد استقطبت هذه الورشة اهتماما ملحوظا سواء على صعيد المشاركات والتي ضمت مشاركة خليجية أو على المستوى الإعلامي حيث نشر لي لقاء في جريدة الخليج عقبها وبالتحديد بتاريخ 6 من ابريل 2012. تبعت هذه الورشة ورشة أخرى للصغار كانت تحت عنوان "ورشة عمل في كتابة القصص للفتية والفتيات" في ابريل 2012. وفي يونيو من عام 2013 أقمت ورشة أخرى لمدة 3 أيام في مكتبة المعرفة العامة التابعة للديوان السلطاني تحت عنوان "فن كتابة القصة". كما أقمت ورشة في الجمهورية اللبنانية حول كتابة قصص الأطفال في 2014.  في عام 2015 وبدعم من شركة الحبيب ومجموعة تاول أقمت ورشة لمدة اربعة أيام تحت عنوان "أكتب قصصا للأطفال". إلا أن الوقت الفعلي للورشة امتد لأكثر من أربعة أشهر وشارك فيها عدد من المهتمين بأدب الطفل. وكان نتاج الورشة ثلاث قصص طبعت على نفقة الورشة لثلاثة كتاب و وزعت نسخ مجانية منها على المدارس والمكتبات العامة بلغت أكثر من 2000 نسخة منها 1650 نسخة تسلمتها وزارة التربية والتعليم. كما طبعت قصص اخرى لكتاب آخرين شاركوا بالورشة. و لمعرفة المزيد عن الورشة أرجو زيارة الموقع التالي:
  https://www.youtube.com/watch?v=K1EHuaIinwg

ولعل هذه الأنشطة الفردية بجانب بعض المقالات النقدية أو المتخصصة في مجال أدب الأطفال التي نشرت في بعض الصحف المحلية أو الدوريات العربية، أسهمت بشكل ما في انعاش الساحة العمانية في مجال أدب الطفل. و الجدير بالذكر ان في تلك الفترة ظهر اهتمام رسمي وذلك عبر الندوات التي أقامها  النادي الثقافي إحداهما في 22 أكتوبر 2015 ندوةأدب  الطفل من التراث إلى الحداثة  والأخرى في ديسمبر 2016 احتفالا باليوم العالمي للغة العربية تحت عنوان "أدب  الطفل بين النظرية والتطبيق". قد يتساءل البعض في عدم ذكري لفعاليات بيت الزبير في ترسيخ أدب الطفل. الا أن النظرة المتأنية لتلك الفعاليات يدرك أن تلك الفعاليات لا يمكن تضمينها ضمن أدب الطفل وإنما هي أنشطة قرائية وتفاعلية و إثرائية موجهة الى الطفل وهي لا تندرج مباشرة تحت أدب الأطفال المكتوب أو النص الأدبي الموجه للطفل. 

هذه اللمحة السريعة للاحداث الهامة في مجال أدب الطفل في سلطنة عمان لا تدل على أن أدب الطفل قام وفق رؤية أو استراتيجية ثابته تهدف الى الأخذ به بطريقة سلسلة لوضع بصمة في مجال أدب الطفل بشكل واضح. الا ان الجهود المبعثرة لمحبي هذا الادب تحاول جاهدة أن تطعم الساحة العمانية برحيق أدب أطفال فيه الكثير من البهجة والجمال.

إن هذه الحركة الأدبية المحدودة في مجال أدب الطفل في سلطنة عمان أظهرت العديد من النتاجات المطبوعة محليا أو خارجيا. الا أن هذا الانتاج لم يخضع لعملية تقييم سواء من حيث المستوى  الفني أو نوعية الأفكار أو طريقة العرض.  هناك عدد من الكتاب الذين نشروا عددا من القصص مثل الكاتبة بسمة خاطر و الدكتورة جوخة الحارثي و الدكتورة فاطمة أنور اللواتي والدكتورة وفاء الشامسي و أزهار الحارثي و أمامة اللواتي  وزينب الغريبية و حسن اللواتي و عائشة الحارثي ونجوى الدرعاوي وغدير الهاشمي وغيرهم. وهناك كتاب آخرون لم يتعد عدد اصداراتهم اصدارا واحدا وقد تكون هذه الاصدارات إما نتاج ورش عمل كما في حالة ايمان اللواتي وفيصل السعيدي  و إيمان العلوي وإيمان فضل أو نتاج دراسة أكاديمية كما هو الحال بالرسامة ابتهاج الحارثي التي فازت بجائزة اتصالات لعام 2016. 

تحتاج أية مسيرة أدبية - بشكل خاص-  إلى تقييم تلك التجربة الأدبية. ولعل أدب الطفل في سلطنة عمان بحاجة ماسة الى تقييم جاد وبناء. فأدب الأطفال يعاني بشكل كبير على مستوى العالم العربي من ضعف في التقنية الفنية وسطحية في الطرح وعدم وجود رؤية أو وضوح في العرض. وهذا الضعف الذي يعاني منه أدب الأطفال في السلطنة او العالم العربي يرجع الى عدد من الاسباب منها: 1) غياب النقد الهادف والذي قد نعزيه إما إلى عدم رغبة النقاد في نقد قصص الزملاء والأصدقاء خصوصا أن ساحة كتاب أدب الأطفال ساحة تكاد تكون محدودة مما يجعل معظم الكتاب على معرفة ببعضهم البعض.أو 2) قد نعزيه الى قلة المختصين في مجال نقد أدب الأطفال الذي يجعل انتشار هذا النوع من الأدب بمستوى لا يتناسب مع خصائص الطفولة.  3) تسابق بعض دور النشر لتلبية احتياجات السوق فيفقد الأدب الجيد وجهته.  4) افتقاد الجوائز في مجال أدب الأطفال الى معايير صارمة في عملية التحكيم. 5) قلة وعي ودراية معظم الأهالي والمربين إلى المعايير الفنية السليمة في عملية اختيار الكتب لأطفالهم. 6) الانبهار بالعناوين والرسومات الجميلة وأسلوب الإخراج عبر العرض في برامج التواصل الإجتماعي. 7) تلعب المحسوبيات والشللية أدوارا سلبية في جميع الجوانب الحياتية في العالم العربي ولا يخلو أدب الطفل من تلك التوازنات والاتفاقات التي تطبخ وتعد مسبقا (اتفاقات تحت الطاولة) كما يقال. 8) و أخيرا، قلة الورش والفعاليات التي تضيء على نوعية الاصدارات الجيدة. والجدير بالذكر أننا نرى ان مستوى الرسم في العالم العربي في مجال أدب الأطفال قد حقق قبولا جيدا على المستوى العالمي في الوقت الذي مازال أدب الطفل بحاجة الى الكثير من الصقل والعمل.

إن أدب الأطفال بحاجة الى أن يسلك خطين متوازيين أحدهما يستهدف الكتاب في مجال أدب الأطفال لتنمية قدراتهم والآخر لا بد أن يستهدف المهتمين المخلصين لهذا النوع من الأدب. إن تتبع أدب الأطفال في العالم الغربي يجعلنا نكتشف مدى بعدنا عن طرح أدب  مبدع وخلاق ومتناسب مع خصائص الطفولة وجمالها. وحتى لا يساء فهمي فإن ما أعنيه ان هناك مشتركات بين الأطفال لا تتقيد بالحدود الجغرافية أو الجينات الوراثية، لكنه في نفس الوقت ينبغي أن ندرك ان هناك بعضا من المحظورات التي لا بد من مراعاتها والتي تنبثق من الممارسات الاجتماعية الخاصة بكل مجتمع. فمن أجل أدب راق وجميل، لا بد لنا من إعادة النظر!