الثلاثاء، 25 مارس 2014

وظائف متعددة وأدوار منسية!

حينما نستعيد ذكريات الماضي.. فإننا نستعيد معها الكثير من القيم والمفاهيم التي بدأت تجد لها انتعاشا في عصرنا الحاضر. هذا الانتعاش لتلك القيم لا يجعلها متساوية بما كانت عليه في الماضي...

http://main.omandaily.om/?p=90285

 
حينما نستعيد ذكريات الماضي.. فإننا نستعيد معها الكثير من القيم والمفاهيم التي بدأت تجد لها انتعاشا في عصرنا الحاضر. هذا الانتعاش لتلك القيم لا يجعلها متساوية بما كانت عليه في الماضي فإنها (مع الأسف) تفتقر إلى الروح التي تجعلها مختلفة مضمونا وإن كانت متشابهة في الشكل. ذكريات أيام زمان تختلفت نوعا ما بين المناطق في شكلها لكنها تظل متشابهة في مضمونها. ففي مطرح وأمام “الباب الصغير” لسور اللواتيا الواقع في الاتجاه الآخر من “الباب الكبير” المطل على الكورنيش، كان هناك تجمع فريد لأسواق محلية غير ثابتة. يعتبر ذلك الموقع الاستراتيجي للباب الصغير نقطة التقاء حارات عديدة من تلك الناحية من مطرح. محلات صغيرة لنسوة يجلسن وأمامهن صوانيهن الدائرية المتزينة بالحلويات مختلفة الألوان والأشكال تحتل جزءًا من ذلك الموقع. وتلك المحلات كانت وجهتنا كل مساء، إلا أن تلك المحلات التي كانت تقدم لطفولتنا سلعا تتناسب مع بيساتنا القليلة كانت تختلف عن الوجهة التي كانت تشد أمهاتنا لتبضعهن. فالتجارات الصغيرة التي كانت تديرها النسوة من بيوتهن قد تعتبر مؤسسات من النوع الصغير أو لنقل عن بعضها من النوع المتوسط حسب تعبيرات هذه الأيام. لكن معظم تلك التجارات كانت إما أنها مساهمة من ربة البيت لتخفيف العبء المادي أو بسبب أن بعض التجار كانوا يفتحون لهم فروعا في منازلهم لتسهيل عملية التسوق على النساء. هذه الصورة المشروعات التجارية المنزلية لها العديد من المصاديق في واقعنا الحاضر.

 

لقد شجعت الحكومة عبر الدعم المقدم للنساء في عمل مشروعات منزلية. وهذا التشجيع اتخذ عددا من الصور مثل الدعم المالي أو التشجيع على الإبداع عن طريق تنظيم مسابقات لأفضل المشروعات. وهذه المشروعات التجارية تقوم بها نساء متفرغات من أجل توفير أو زيادة دخل أسرهن من جهة ومن جهة ثانية استثمار أوقاتهن بمنتج يعود بالفائدة على البلد. فمعظم النساء العاملات في منازلهن تتشابه ظروفهن المعيشية التي تجبرهن للعمل من داخل البيت. إلا أننا بدأنا اليوم نشهد ظاهرة غريبة  وهي تجاهل عنصر أساسي من عناصر حياة الإنسان وهم الأولاد!

 

ففي خضم هذه المعمعة التي تشجع النساء على زيادة الدخل وممارسة التجارة نلمس نقصا في التوعية المتعلقة بالمجال التربوي. فالهدف الأساسي من زيادة الدخل هو العيش بكرامة إلا أن إهمال متطلبات الأولاد النفسية والاجتماعية وبناء الشخصية الصالحة البناءة هي أساس هذا العيش الكريم. فحينما ينشغل كلا الوالدين بوظيفتين أو بوظيفة ثابتة وأخرى تجارة تدار بعد الدوام الرسمي، فأين يقع الطفل في هذه الخارطة؟ وما مدى الاهتمام الذي يناله؟

 

 في الماضي، كانت التجارات البيتية هي الشغل الوحيد بجانب إدارة شؤون البيت، إلا أن اليوم ورغم ما نشهده من غزو حضاري وأخلاقي فإن سعي بعض الوالدين نحو كسب المزيد من المال أدى بهم الى إهمال الاهتمام بالأولاد. قد يقول البعض أن ذلك لا يأخذ من وقته الكثير، إلا أن أية وظيفة أو مهنة لا بد أن تأخذ من تفكير الإنسان ووقته، ناهيك عن أن جميع تلك المقولات لابد منها من أجل التبرير، والا فكيف يستطيع المرء الجمع بين عدد من الوظائف من غير أن يشعر بالذنب على التقصير في مسؤولياته الأسرية! وكيف يمكن الجمع بين عملين كطبيب أو معلم أو تربوي أو موظف وفي الوقت نفسه تاجر بعد الدوام بجانب كونه مسؤولا عن أسرة، الا إذا قصر في إحداها (وغالبا تكون الأسرة). هناك الكثير من التساؤلات التي تثار! إلا أن المتيقن منه هو أن هذا المال الذي يتم كسبه على حساب إهمال الأولاد ليس إلا إضافة رقمية في حساب البنك. ووفق حسابات الربح والخسارة عند من يفهمون أصول التجارة بمفهومها الشامل فإن الخسائر بلا شك تتعدى الأرباح،.. ولذلك وجب إعادة النظر!