الاثنين، 3 يونيو 2013

مجلس الشورى بين تطلعات المواطن وهمومه

قد استمعنا إلى ما قالته معالي الدكتورة وزيرة التعليم العالي في بيانها بمجلس الشورى مؤخرًا والذي ركزت فيه على عدد من النقاط، إلا أننا كنّا نتطلع بحرص إلى سماع ما سوف يتناوله أعضاء ...




http://alroya.info/ar/citizen-gournalist/citizen-journalist-/59927------

لقد استمعنا إلى ما قالته معالي الدكتورة وزيرة التعليم العالي في بيانها بمجلس الشورى مؤخرًا والذي ركزت فيه على عدد من النقاط، إلا أننا كنّا نتطلع بحرص إلى سماع ما سوف يتناوله أعضاء مجلس الشورى في مداخلاتهم ومناقشاتهم. ومما لا شك فيه أن الأعضاء هم صدى لصوت الشعب ومعاناته. ولهذا وجدنا عددًا منهم تطرق إلى الكثير مما يعانيه أبناؤنا الطلبة كمستوى الدراسة والجامعات وغيرها من الأمور الحيوية التي تلامس المواطن مباشرة. كذلك شعرنا بالكم الهائل من المشكلات التي يعيش تحت وطأتها شبابنا وشاباتنا والتي من المفترض أن تكون الوزارة قد تغلبت عليها خلال السنوات الماضية. فهناك المشكلات المتعلقة بمستوى الجامعات أو تلك المتعلقة بمستوى الكفاءات التعليمية بمؤسسات التعليم العالي أو البعثات الداخلية والخارجية وغيرها من الأمور. ولعل الدكتورة وزيرة التعليم العالي حاولت بكل هدوء)خصوصاً في اليوم الأول) الإجابة عن جميع الأسئلة ولم تتجاهل قصدًا أي سؤال أو تتهرب منه كما هو حال بعض من سبقها من المسؤولين، غير أن بعض إجاباتها لم تكن مقنعة للأعضاء. لكن .. لم يكن لدى العضو الوقت أو الأدلة الكافية لإقناع الطرف الآخر. لهذا ظلت الحروف من غير نقاط والكلمات مبعثرة من غير أن تتشكل في جمل مفيدة يكون لها أي دور في تغيير ما كان يرجى تغييره.

من خلال متابعتي لأسئلة أعضاء مجلس الشورى يمكنني أن أقسمها إلى أنواع أربعة: 1 -أسئلة حول السياسات والإستراتيجيات، 2 - أسئلة حول الطموحات والتطلعات، 3 -أسئلة حول مشكلات المواطنين من طلبة وطالبات وغيرهم، 4 - أسئلة حول الفساد الإداري. هذا التقسيم التقريبي للأسئلة الموجهة للدكتورة وزيرة التعليم العالي كل منها يصب في جانب من الجوانب المهمة التي يأمل الأعضاء أن يحدث تغييراً جوهرياً فيها. لكن.. السؤال: هل معالي الدكتورة هي صاحبة قرار البت في كل تلك الأمور؟

هناك شعور لدى الكثيرين بأن جلسات مجلس الشورى تكاد تفقد شعاعها لعدد من الأسباب. واحدة من الأسباب هي أن الهدف الأساسي من هذه الجلسات غير واضح أو غير مفهوم. فلماذا تنعقد هذه الجلسات؟ هل هي من أجل تقييم أداء المؤسسة؟ أو من أجل وضع إستراتيجيات وسياسات لها؟ أو من أجل لفت الانتباه إلى المشكلات الآنية التي يعانيها المواطن وإيجاد حلول لها؟

كما يبدو لي (على أقل تقدير) أن عدم وضوح الهدف من هذه الجلسات أو حرص أعضاء مجلس الشورى على تحقيق ما يطلبه المواطنون يؤدي بهم إلى نقل انتباه المسؤول من نقطة إلى أخرى ومن محور إلى آخر. فذاك يسأل عن الإستراتيجيات وذاك يتطرق إلى الجامعات والتعيينات والثالث يطرح مشكلات الطلبة وهكذا دواليك! فالمشكلات التي يتم تناولها ليست من نسق واحد وأحياناً يتم تكرار نفس المشكلات بصيغ مختلفة. فعدم وجود رؤية واضحة حول الهدف الأساسي من هذه الجلسات كما هو واضح من نقاشات الكثير من أعضاء مجلس الشورى وغياب خطة مشتركة لكيفية تحقيق تلك الأهداف هما السبب المباشر لعدم التوصل إلى حلول ناجعة لمعظم تلك المشكلات التي تتم مناقشتها كما حدث في جلسات بعض الوزراء سابقًا. ونقطتا الضعف تلكما تسهمان في مساعدة المسؤول على أن يجد له ألف وسيلة للتهرب مما يطالب به الأعضاء. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي يعني المواطن بشكل أخص هل حل مشاكله أو الاستماع إلى الكلمات الرنانة التي يتم تسجيلها ونشرها لبعض الأعضاء والتي لا تسمن ولا تغني من جوع؟

أتذكر ولعل في ذكر هذه الحادثة عبرة ودرساً لبعض الأعضاء هو أنك حينما حملت هذه الأمانة فإنك لم تحملها سوى من أجل أن توصل معاناة ذلك المواطن الذي أعطاك صوته إلى ذلك المسؤول لحلها أو التخفيف منها على أقل تقدير. فالمواطنون لا يريدون سماع سوى أن بعض مشاكلهم (إن لم يكن كلها) قد تم حلها. وهذا ما حدث قبل عدة سنوات حينما تم رفض تعيين أكاديمية في جامعة السلطان قابوس. وكان هناك إصرار من قبل الجامعة آنذاك على رفض تعيينها. لكن.. كان هناك في مجلس الشورى عضوة تمثل الشعب وتشعر بهمومه ولم يكن هدفها تسويق ذاتها رغم محدودية صلاحية المجلس في تلك الفترة، فاستطاعت بإخلاصها وحملها لهموم المواطن طرح معضلة تلك الدكتورة الأكاديمية أمام ذلك الوزير من ثم التوصل إلى حل معضلتها. ولهذا ما زال التاريخ يذكرها .. إنها طيبة المعولي، فلها كل التحية والتقدير! ولعل من مصادفات القدر أن يتطرق سعادة رئيس مجلس الشورى خالد المعولي في خلاصة جلسة المجلس إلى نفس المعاناة لأكاديمية عمانية أخرى تعاني من تعنت الجامعة في توظيفها. في التسعينات من القرن الماضي أثارت طيبة المعولي هذه القضية وها نحن بعد 20 عشرين عاماً تقريباً ما زال الأكاديميون العمانيون يعانون من ذات التعنت حيث يُغمَطُ حقُّهُم بالتوظيف في الجامعة، فلذلك نرى أن نسبتهم في جامعة السلطان قابوس لا تتعدى 33% فقط من إجمالي الكادر التعليمي!
من قصص كل أولئك الأعضاء مثل سعادة خالد المعولي والفاضلة طيبة المعولي وآخرين مثلهم الذين أخلصوا في مهامهم في هذا المجلس حاملين هموم المواطن ومشاكلهم، أقترح على مجلس الشورى التالي: أولاً: لابد أن يكون هناك تحديد واضح لهدف الأعضاء من هذه الجلسات. هذا التحديد سوف يسهم في عملية الانسجام بين أطروحاتهم بدلاً من أن يغرد كل واحدٍ منهم في حقل مختلف عن الآخر ومن غير تناغم وانسجام. ثانيًا: الاهتمام بطرح المواضيع التي تهم المواطن بصفة خاصة. فعلى الأعضاء أن يدركوا أن الوزير لا يقر سياسات وإستراتيجيات بمفرده، لهذا فلابد للأعضاء أن يكونوا أكثر حذاقة في إيجاد وسيلة أكثر فاعلية لتحقيق تلك المقترحات المتعلقة بالإستراتيجيات أو التطلعات والطموحات وكيفية توصيلها إلى الجهات المعنية وإقرارها. فلابد للأمور المتعلقة بالإستراتيجيات والتطلعات أن تقدم بطرق علمية موثقة ومدعومة بالصحافة والإعلام كما هو الحال في الدول المتقدمة، مع إدراكي التام بأننا في ما يسمى بدول العالم الثالث وصحافتنا عبارة عن جعجعة من غير طحين! أما النوعان الأخيران من الأسئلة الموجهة إلى الوزيرة المتمثلان في: مشكلات المواطنين من طلبة وطالبات وغيرهم والفساد الإداري، فهما من النوع الأكثر قابلية لتحقيقهما من خلال جلسة من هذا النوع. فالمواطن عاجز ومع الأسف عن وضع مشكلاته أو مطالبه أمام المسؤول إما بسبب تهرب المسؤول ولعدم السماح له بمقابلته أو بسبب تلك الأبواب المغلقة التي تحول دون وصوله إليه.

فالمسؤولون كثيرًا ما يجدون أسلوباً للتهرب من مواجهة تلك المشكلات التي كانوا السبب في إيجادها سواء من حيث الفساد الإداري أو المالي أو التهرب من إعطاء المواطن حقه. لكن الكلام النظري في هكذا مواضيع لا يكفي لوضع المسؤول أمام الأمر الواقع بل لابد من أن توضع أدلة وبيانات واضحة وبينة لتكشف ذلك الفساد أو التساهل (كما فعل بعض الأعضاء). ومن جانب آخر ينبغي التأكد من تغير القوانين والأنظمة التي بسببها قد يعاني المواطن سواء في الجامعة أو التعليم العالي أو غيرها من المؤسسات. وهنا قد يتطلب من البعض أن يأخذ دور الجندي المجهول والآخر دور المتحدث من أجل عملية تكاملية بين أعضاء مجلس الشورى. وهذه العملية لن يكون من الصعب القيام بها إذا لم يكن التركيز منصبا على آلات تسجيل أو فيديوهات توزع بين الناس بمجرد أن تنتهي الجلسات. فالكلمة الحرة تصل إلى كل أذن والفعل المخلص يلامس كل وجدان. فقصة طيبة المعولي مازلنا نتغنى بها رغم عدم متابعتنا لتلك الجلسات وعدم وجود تلك التقنيات في ذلك الوقت. وأخيرًا .. أنتم من انتخبكم الشعب .. فنرجو من سعاداتكم .. أن تعيدوا النظر!
fatma-anwar.blogspo
t.