الأحد، 3 مارس 2013

بين الفخر والإحباط (تجربتي في مدارس الصحوة)

جميل أن تكون ضمن الآباء والأمهات المدعوين لحضور حفل تكريم تفوق ابنك أكاديميا وإبداعيا. والأجمل حينما يكون للمدرسة دور في الثناء والشكر على هذا التفوق وذلك الإبداع. وكم هو طيب ...


جميل أن تكون ضمن الآباء والأمهات المدعوين لحضور حفل تكريم تفوق ابنك أكاديميا وإبداعيا. والأجمل حينما يكون للمدرسة دور في الثناء والشكر على هذا التفوق وذلك الإبداع. وكم هو طيب حينما تتلقى دعوة تفوق ابنك الأكاديمي وأنت في نفس الوقت لم تأل جهدًا في غرس بذور صالحة في تلك التربة النقية لابنك أو ابنتك! فعملية الغرس وإن كانت تبدو صعبة على البعض أو عصيّة على البعض الآخر إلا أنّها من الأمور التي لا تتطلب وقتًا كبيرًا بل تحتاج إلى جهد صادق وإيمان بالله أولا، ثمّ بذلك الابن أو تلك الابنة ثانيًا.
فغرس نبتة يتمثل في السعي من أجل إيجاد بيئة صالحة تعطي للقيمة وزنها و للفعل قيمته. وتتطلب تلك البيئة توازنًا بين تربة صالحة وماء عذب متناسبين مع حاجة البذرة لنمو فسيلة معطاءة. وأي اختلال بين تلك المكونات مآله زعزعة في نمو تلك البذرة. وأي إهمال بسقيها وتوفير المادة الصالحة في تسميدها قد تكون هي السبب في فسادها واعوجاجها. وعملية البناء السليم تتطلب عملية تكاملية بين البيئة السليمة واليد الراعية، فكما أنّ عملية غرس فسيلة ما تحتاج إلى ذلك التكامل فكذلك هو الحال في تربية أبنائنا وبناتنا.

القيم النبيلة لا تقدم في دروس مجردة مصاغة في كلمات "افعل" أو "لا تفعل". القيم تقدم في أفعال تتحرك بين الطلبة وأقوال لها مصاديق في الواقع المنزلي والمدرسي. وافتقاد هذا العنصر هو الذي يتسبب في صعوبة العملية التربوية أو استعصائها على البعض. فقيمة مثل المحافظة على اللغة الأم كالاهتمام باللغة العربية لا يمكن للطالب إدراك أهميتها سوى من بيت يحترم لغته الأم، ومن مدرسة تعنى بتلك اللغة ومن وطن يرى فيها قيمة إنسانية عالمية. لكن حينما يغيب ذلك الدور المهم من خلال بيت يتبنى لغة الغير أو مدرسة تغيب فيها لغة الأم وقتها كيف يمكن أن نعتب على ركاكة لغة الابن حينما يقول: "دقت الجرس"!

كنت في مدارس الصحوة أحضر تكريم ابني على تفوقه وإذا بي أجد نفسي محاطة بكآبة وإحباط بدلا من فرحة وفخر، متسائلة: من الذي يشاركني في تربية ابني؟ فالحفل بدأ بموسيقى غربية ثمّ بكلمة للمدير الأجنبي حتى ابني نودي باسمه بالطريقة الغربية. ولم نسمع القرآن الكريم كما تعودنا مع بداية أي حفل ولم تبدأ الكلمات باسم الباري، ولم تنته بالحمد له على جميل عطائه سبحانه.. فمواهب أبنائنا وتفوقهم مر من غير شكر لأنعم الله علينا .. بل كل ما سمعناه موسيقى غربية تمنوا أن تمتعنا ونحن في وطن عربي مسلم!
لن أسأل عن دور وزارة التربية والتعليم لأنني أكون كمن يسأل الظمآن عن شربة ماء! لكن.. هذا الوضع لم يعد مرضًا مستشريًا فحسب وإنّما تحول إلى ظاهرة متغلغلة في مجتمعاتنا العربية الإسلامية.. أفلا يحق لنا أن نسأل.. لماذا؟