الأربعاء، 10 أغسطس 2011

الإجازة الصيفية والأدوار الغائبة

نعم إنه الصيف الذي يتمدد فيه الكثير من طلابنا أمام التلفاز و تنقضي ساعاتهم وايامهم بين الدردشة (chatting) عبر الانترنت أو التراسل (SMS) عبر الهواتف النقالة...

 نعم إنه الصيف الذي يتمدد فيه الكثير من طلابنا أمام التلفاز و تنقضي ساعاتهم وايامهم بين الدردشة (chatting) عبر الانترنت أو التراسل (SMS) عبر الهواتف النقالة أو متنقلين بين صفحات الانترنت. وآخرون تحتضنهم المقاهي ودور السينما يقضون وقتهم بين مشاهدة التلفاز واللعب بألعاب الفيديو ولا ننسى زيادة معدلات المعارك بين الأخوة والأصدقاء.
ومع غياب الأبحاث التربوية حول كيفية قضاء ابنائنا إجازاتهم، ومع انعدام الإحصائيات حول معدلات ازدياد السلوكيات غير المقبولة اجتماعيا أو دينيا أثناء الاجازة الصيفية، فاننا لا نستطيع معرفة مدى التأثير السلبي الذي تتركه هذه الاجازة على اولئك الطلاب سواء من حيث تردي مستواهم الأكاديمي أو وضعهم الصحي.
إلا أن هناك الكثير من المشاكل والممارسات غير المحببة أو غير المقبولة اجتماعيا وتربويا التي يشعر بها ويعيشها البعض تجد لها مرتعا خصبا في هذه الإجازة الصيفية.
وبسبب وعي وإدارك الكثير من الأهل بأهمية إيجاد بيئة تغني أبناءهم وبناتهم بمعارف ومعلومات وتسهم إلى حد ما على تمضية أوقات فراغهم بأسلوب مفيد، فكان التوجه نحو المعاهد الخاصة.
وهذه المعاهد التي بدورها حرصت على طرح العديد من البرامج والعروض الصيفية لسد هذه الثغرة التي يعاني منها الجميع. إلا ان هذه العروض والبرامج سواء كانت لغوية او رياضية او فنية أو غيرها لا تراعي أصحاب الدخل المتوسط أو المنخفض كما أن الكثير منها يفتقد الى المعايير السليمة لأن هدفها الأساسي هو الربح المادي.
هناك عدد كبير من الدراسات و الأبحاث التي جرت في الولايات المتحدة حول تأثير الإجازة الصيفية على الطلاب. ففي دراسة حديثة أجرتها مؤسسة راند Rand أوضحت ان الأطفال − وبالأخص الأطفال من أسر ذوي الدخل المنخفض التي لا يملك اصحابها القدرة على السفر أو زيارة المتاحف أو المكتبات العامة − يفقدون القدرة على توفير المواد التي تغني مداركهم و بالتالي فهم يفقدون ما يعادل مقدار شهرين أو ثلاثة أشهر من مستواهم الأكاديمي من حيث قدراتهم القرائية وكذلك قدراتهم الرياضية. وفي دراسة أخرى أجريت في جامعة (جون هوبكنس) كانت نتائجها توضح التأثير التراكمي للتعلم في الإجازة الصيفية لطلاب المرحلة الابتدائية في تقليص الفجوة بين الطلاب بمقدار الثلثين (2/3) والذي يظهر جليا حينما يصلون الصف التاسع وذلك في صالح الطلبة من مستوى الدخل المنخفض الذين عادة تلعب عوامل متعددة في انخفاض مستواهم الدراسي والأكاديمي. ويؤكد بعض التربويين و القائمين على الأنشطة الصيفية في الولايات المتحدة على أن التأثير السلبي للإجازة الصيفية لا ينحصر في المجال الاكاديمي فقط. فالابحاث التربوية أوضحت أن الأطفال في الإجازة الصيفية يزداد وزنهم بوتيرة أسرع بمقدار ثلاثة اضعاف مقارنة مع سرعة زيادة وزنهم اثناء العام الدراسي. والسبب أن معظم الأطفال يفقدون البيئة المناسبة للتمارين الرياضية أثناء الإجازة الصيفية، كما يتأثر جدول ونوعية غذائهم مما يؤثر على وزنهم وصحتهم. وبغض النظر عن مدى اتفاقنا مع هذه الأبحاث التربوية أو اختلافنا معها، إلا أن الحقيقة الواحدة التي نجمع عليها كتربويين وكآباء وكأمهات هي أننا بحاجة الى برامج صيفية، تتوفر للجميع بشكل عادل وأن تلبي تلك البرامج حاجات الطلبة وتسهم في صقل إمكانياتهم وتساعدهم على اكتساب مهارات حياتية يضيق العام الدراسي عادة عن تلبيتها. فحسبما ورد في إحدى الأبحاث الآنفة الذكر بأنه حينما يستمتع الأطفال في إجازتهم الصيفية فإنهم يكونون أقدر على التعلم أثناء العام الدراسي. فقد لوحظ بأن الأطفال الذين شاركوا في الأنشطة الصيفية زادت نسبة قدراتهم القرائية وبدؤوا في قراءة كتب أكثر و اكتسبوا مهارات إجتماعية وأيضا اعتدلت عاداتهم الغذائية.
إن عملية التكامل في المجال التربوي تنبثق من وعي و فهم المعنيين في أن عملية النمو لدى أبنائنا لا يمكن تجزئتها. فكما أننا نسعى في إيجاد تعليم مدرسي متوازن و متكافىء مع احتياجات العصر فاننا بحاجة الى ان يمتد هذا التعليم ليغطي احتياجات ابنائنا بحيث لا تتحول الإجازة الصيفية الى نقمة على كاهل المجتمع والأسر.
إننا بحاجة الى أن نتكافل جميعا. فمعظم القطاعات العامة معنية بأمر هؤلاء الطلبة وعلى رأسها وزارة التربية ووزارة الصحة وزارة التراث وغيرها من القطاعات العامة كالشباب وغيرها، لا بد أن يكون هناك دور بارز للجامعات في طرح برامج صيفية لطلبة المدارس من الروضة الى الصف الثاني عشر من قبيل أنشطة السباحة أو دورات في تعليم الحاسوب أو بعض الانشطة العلمية والفنية وغيرها.
وهذه الخطوة سوف تعكس التوجه العالمي في ان الجامعة مؤسسة تتكامل مع المجتمع المحيط به. وحين يتولى طلبة الجامعة عملية التعليم والتفاعل مع الطلبة الآخرين عبر رؤية متكاملة تخدم الطلبة الجامعيين وطلبة ما دون مستوى الجامعة من خلال أجيال المجتمع معا وإيجاد نماذج وقدوات للصغار فتكون بذلك تخطو خطوات نحو نهضة علمية شاملة ومتكاملة. كما أن المدارس والقطاعات التعليمية الخاصة والعامة بحاجة الى أن تفتح أبوابها أمام المجتمع لتتوحد معه في فهم هموم ابناء الوطن ولتسهم في ترسيخ مفهوم التفاعل الإجتماعي.
وانجذاب الطلبة الى البرامج الصيفية المحدودة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم لأكبر دليل على الحاجة الى ضرورة تعميم تلك البرامج الصيفية وعلى عدم اقتصارها على مؤسسة معينة أو فئة عمرية محددة. وحبذا لو نقتفي أثر بعض المؤسسات العالمية الخاصة التي تفتح أبوابها في دعم المشاريع الصيفية.
وحبذا لو نجد أبواب مدارسنا مفتوحة طوال العام ببرامج مدعومة من مؤسسات وطننا الخاصة والعامة من أجل مستقبل مشرق لأبنائنا. فلنعد النظر