الأربعاء، 31 أكتوبر 2018

هل هو تشابه أم انتحال: بين القصة الفائزة بجائزة اتصالات لعام 2018 و فيلم هندي؟


في هذا المقال سأقتصر طرحي في نقاط التشابه والاختلاف بين الفيلم الهندي وبين القصة العربية التي فازت بجائزة أفضل نص في جائزة اتصالات لعام .2018 سيخلو المقال من أي تقييم خاص بمحتوى القصة والرسوم. النقاط المعروضة هنا هو السير العام للأحداث في كل من القصة والفيلم وهناك تفاصيل أخرى في كل منهما تختلف باختلاف جنس العمل الأدبي –أي بين قصة مصورة وفيلم طويل - والفئة العمرية. 



لست من متابعي الأفلام الهندية إلا على متن رحلات الطيران الطويلة. لهذا فإنني لم أشاهد الفيلم الهندي بعنوان "Nil Battey Sannata, 2015 "  إلا بعد أن عرفت من إحدى المعارف بأن قصة هذا الفيلم تتشابه مع قصة ضمن القائمة القصيرة لجائزة اتصالات، حيث تدور محور القصتين حول أم و صف دراسي. والقصة الوحيدة التي يوحي عنوانها بما قيل لي هي قصة: "ماما بنت صفي، 2018" تأليف: لبنى طه و رسوم: مايا فادي من إصدارات دار سلوى للنشر.  

    

في هذا المقال سأقتصر طرحي في نقاط التشابه والاختلاف بين الفيلم الهندي وبين القصة العربية التي فازت بجائزة أفضل نص في جائزة اتصالات لعام.2018  سيخلو المقال من أي تقييم خاص بمحتوى القصة والرسوم. النقاط المعروضة هنا هو السير العام للأحداث في كل من القصة والفيلم وهناك تفاصيل أخرى في كل منهما تختلف باختلاف جنس العمل الأدبي –أي بين قصة مصورة وفيلم طويل - والفئة العمرية. 

 

البداية:

         تبدأ قصة "ماما بنت صفي" والموجهة إلى الفئة العمرية (حسب تقييمي) من السن الثامنة وحتى الثانية عشرة بتساؤل تطرحه نورة بطلة القصة حول الكوابيس التي تنتاب الأطفال عن المدرسة.  فمن الكوابيس التي ذكرتها بطلة القصة هو: "تجد نفسك فيه في منتصف ساحة المدرسة لابسا بيجامة النوم". أو " أن تطلق ريحا بلا قصد داخل الصف..!!!". لكن الكابوس الأكبر الذي انتاب نورة  هو "ماما بنت صفي"! فهل هو كابوس أم واقع كابوسي؟

 

         تبدأ أحداث قصة "ماما بنت صفي" حول رغبة أم نورة في تعلم اللغة الإنجليزية مما جعلها تلتحق بصف ابنتها باقتراح من المعلمة. نورة لا ترغب في التحاق أمها بالصف، لكنها قالت: "حينما تصمم أمي على تنفيذ شيء ما فإنها تفعله". 

         

         أما بداية الفيلم الهندي فلم تكن بها أية كوابيس تزعج الفتاة المراهقة "Apu". كانت الفتاة تعيش مع أمها في بيئة هندية فقيرة. تعمل الأم خادمة في بيت طبيبة ذات ثقل إجتماعي. لدى الأم حلم  كبير في أن تصبح ابنتها ذات شأن في المستقبل، لكن البنت كانت تعيش حلما محدودا انطلاقا من تفكيرها: ابن المهندسيصبح مهندسا وابن الطبيب يصبح طبيبا وابن الخادم يصبح خادما. 

 

         حلم البنت المحدود كان يرهق الأم التي كانت تحث ابنتها على رفع درجاتها في مادة الرياضيات، فقد كانت تبحث لها عن معلم خصوصي، لكن محاولاتها تبوؤ بالفشل بسبب فقرها وقلة دافعية ابنتها. ويظل الأمر يشغل الأم كثيرا، فتقترح عليها الطبيبة أن تلتحق بصف ابنتها لتساعدها. استطاعت الطبيبة - لما لها من نفوذ- أن تفرض فكرتها على مدير المدرسة بالتحاق الأم بصف ابنتها. تخبر الأم المدير أن هدفها هو مساعدة ابنتها حتى تتفوق في مادة الرياضيات. 

 

الأحداث المتشابهة بين القصتين:

         في قصة "ماما بنت صفي"، التحقت أم نورة بصف نورة. وتعرضت الأم إلى السخرية من طلبة الصف لكونها كبيرة في السن وكانت نورة مستاءة من وجود أمها معها في نفس الصف. فلم يكن الأمر منطقيا بالنسبة إلى نورة: ".. المفروض أن لا يكون الكبار مع الصغار في نفس المدرسة". 

تحولت حياة نورة إلى كابوس يومي وكانت كل من الأم والبنت تتحاشى محادثة الآخر. لكن في المقابل، فإن علاقة الأم مع صديقات نورة كانت تختلف فكانت تجالسهم وتقدم لهم الفطائر والحلوى.  وكانت الأم تساعد أحيانا بقية الأطفال على المذاكرة وتشجعهم. فـ "سارة" صديقة نورة ـ الطالبة الضعيفة دراسيا في الصف- حققت الدرجة الكاملة.  وتدريجيا بدأ تأثير الأم على أصدقاء نورة واضحا، تقول نورة: "لا تزال أمي حديث المدرسة ولكن بشكل مختلف.. ويوما بعد يوم صارت الطالبات يتحلقن حول أمي في دائرة... بدأت الدائرة تكبر.." ثم تواصل نورة موضحة:  " بعد فترة أصبحت أمي أفضل طالبة..".  لكن نورة ظلت تتمنى أن لا تحضر أمها إلى صفها. الا ان ذلك الامر تغير في نهاية القصة بعد سلسلة من الآحداث. تقول نورة: " لقد بدأت أكتشف كم هو ممتع وجود أمي معي في الصف."

 

         في الفيلم الهندي، التحقت الأم بالمدرسة وتعهدت للمدير بعدم كشف علاقتها مع ابنتها. تعرضت الأم  إلى السخرية من طلبة الصف في بداية حضورها وكانت ابنتها مستاءة من وجودها معها في نفس الصف الدراسي. إلا أن الأحداث تغيرت بعد حين، فأصبحت الأم محبوبة من قبل أصدقاء ابنتها وبدأت تتقاسم غذاءها مع احد طلبة الصف الذي كان يساعدها في فهم مادة الرياضيات. أثر تفوق الأم على أصدقاء ابنتها، فحتى صديقاها اللذان كانا من أضعف الطلاب حققا نتائج جيدة. واخذت الأم تستقطب الطلبة الآخرين الذين كانوا يتحلقون حولها. وأصبحت الأم أفضل طالبة في صفها. إلا ان ذلك لم يغير من رغبة ابنتها في عدم مواصلة الأم مشاركتها الصف. الا أنه في نهاية أحداث القصة تقبلت البنت وجود أمها  في صفها، وأصبحتا رفيقتين.

 

 مبررات التحاق الأم  بصف البنت:

         افتقدت القصة العربية المبررات المنطقية لالتحاق الأم بمدرسة ابنتها. وتجاهلت ذلك رغم أنه كما يبدو من الرسم أن القصة موجهة إلى أطفال من فئة عمرية تحتاج إلى أجوبة منطقية لتساؤلاتهم. فما هي مبررات التحاق الأم بمدرسة ابنتها في المرحلة الابتدائية لتعلم اللغة الإنجليزية رغم وجود معاهد في واقعنا الحياتي؟ ولماذا تجاهلت المؤلفة تساؤلات نورة المنطقية حينما قالت:".. المفروض أن لا يكون الكبار مع الصغار في نفس المدرسة..". ظهرت الأم في القصة على حسب وصف نورة لها إن أمها  إذا صممت على أمر فإنها تنفذه غير آبهة  بمشاعر ابنتها  التي لم ترغب في أن تكون أمها زميلتها في المدرسة.  

          نجد في المقابل أن مبررات التحاق الأم الهندية بصف ابنتها منطقية. فعدم قدرتها المادية في توفير معلم خصوصي لابنتها جعلها تلتحق بصف ابنتها فلعلها تتمكن من مساعدة ابنتها التي كانت في الصف العاشر. كما أنها لا تتعارض مع سير أحداث الفيلم الموجه للكبار.

 

النهاية:

         وأخيرا.. الاختلافات التي ظهرت في بداية القصتين افقدت القصة العربية نهاية قوية ومتماسكة . فنهاية قصة "ماما بنت  صفي" تصبح الأم خريجة اللغة الإنجليزية كاتبة. وهل تخرج الأم من صف اللغة الإنجليزية للمرحلة الابتدائية يجعلها أن تصبح كاتبة؟

بينما نجد أن نهاية القصة الهندية ترتبط ببداية القصة والتي تتمحور حول دافعية الأم في الالتحاق بصف ابنتها لمساعدتها على النجاح.  فالأم في الفيلم الهندي اختفت في نهاية القصة لتظهر البنت وقد حققت حلم والدتها في حصولها على شهادة متخصصة في المحاسبة القانونية. كما أنها ذكرت بأن أمها كانت سبب نجاحها وقد اصبحت معلمة تعلم الأطفال مادة الرياضيات مجانا. هذه المعالجة المتقنة والجميلة في الفيلم الهندي افتقدتها القصة العربية، فظهر خلل كبير في جعل الاحداث منطقية للقارئ العربي الصغير بسبب عدم وجود مبررات منطقية في بداية القصة لالتحاق الأم بصف ابنتها.

 

         الاختلاف بين القصتين في بدايتهما ونهايتهما لا ينفي التشابه الكبير في سير الأحداث بين القصتين العربية المتمثلة في قصة للأطفال و القصة الهندية المتمثلة في فيلم هندي موجه للكبار. فهذا الاختلاف الذي هو دليل ضعف القصة العربية - من وجهة نظري- يدعونا - كما هو الحال مع التشابه بينهما- إلى التساؤل: هل كاتبة قصة "ماما بنت صفي" انتحلت فكرة القصة وأسلوب طرحها ومعالجتها من الفيلم الهندي أم أن هذا التشابة الكبير ورد صدفة وليس أكثر من توارد أفكار؟