الجمعة، 22 أكتوبر 2010

جريدة الوطن


ترى أن تربية الطفل على الخيال طريقنا لتنمية المبدعين
الكاتبة فاطمة أنور لـ"أشرعة": الكتابات المطروحة للأطفال في السلطنة تحتاج لصقل وتوجيه .. لكنها تبشر بأدب جيد
لابد لكاتب الطفل أن يفهم نفسية الطفل وأساليب تعلمه ...


لابد لكاتب الطفل أن يفهم نفسية الطفل وأساليب تعلمه
أسواقنا تعج بكتب لا تستهدف الطفل ولا تساعده على تنمية خياله وإبداعه
إبداع الطفل يتضاءل مع بداية عملية التعلم المدرسي
الكبار يكتبون للأطفال ما يرونه مناسبا والبعض يجهل عالمهم
حاورها - إيهاب مباشر
'' هي أكاديمية .. بل كاتبة، الأطفال وطفولتهم، هاجسها الذي لا ينازعها فيه آخر، تلمست طريقها إليهم؛ فالتقتهم في رياضهم بأبحاثها تارة، وتعليمهم بمراحل عمرهم الأولى تارة أخرى، وفي الثالثة كان الغوص في أعماق النفوس، بليسانس في الفلسفة وعلم النفس، والرابعة ماجستير في التعليم بمرحلة الطفولة المبكرة، والخامسة بدكتوراه في تربية الموهوبين والمتفوقين، والسادسة اصرار على عدم مبارحة أزمانهم، بعلم نفس النمو. غلبها حسها الوطني، فكانت (سلسلة بلدي عمان) بـ(حروف ملونة) "قدمت في برنامج الأطفال في إذاعة الشرق الأوسط في مصر" .. تلتها (أبيض أحمر أخضر) .. ثم آنستهم بـ(زهراء تخاف الليل) و(مريم في الطوي)، واختتمتهم بسلسلة (حكايات قبل النوم) في (لما طار العصفور بعيدا) و(متى ستسافر النجوم؟). قدمت لمسرحهم (يوم المحبة والتعاون) التي "عرضت في مهرجان الطفولة سنة 1994" وأخرجها عبدالكريم جواد، و(من اصطاد الفأر؟) و"عرضت بتليفزيون سلطنة عمان 1996، وأخرجها خالد الزدجالي، بالإضافة إلى عدد من القصص الأخرى التي نشرت من خلال صفحات الطفولة بجرائد ومجلات الأطفال مثل مجلة "أحمد"، .. هي الكاتبة والأكاديمية والتربوية الدكتورة فاطمة أنور، وكان لـ"أشرعة" هذا اللقاء، محاورا حول تجربتها في الكتابة الأدبية للأطفال، ومشهد أدب الطفل العماني، فإلى تفاصيل الحوار .. ،،
* قضية (الليل والخوف منه) تؤرق العديد من الأطفال، وقد خرجت بقناعة في نهاية قصتك (زهراء تخاف من الليل)، أن الليل لا يخيف، فهناك مخلوقات كثيرة لا تنام الليل، ألم يولد هذا الأنس لهذه المخلوقات، قناعة لديك بأن الليل (غير مخيف)، وبناء عليه تتولد لديك قناعة، بأن تغيري العنوان إلى (زهراء لا تخاف من الليل) ؟
** في قصة "زهراء تخاف الليل" كنت أعالج قصة مستلهمة من واقع تجربتي كأم. زهراء كانت تخاف الليل وخوف الأطفال في عمر ما بين ثلاث إلى ست سنوت أو أكثر يعتبر من الأمور المتصلة بمرحلة نمو الأطفال. في هذه المرحلة العمرية، الليل والظلمة يخيفان الطفل ويشعرانه بالوحدة. كما أن طفل هذه المرحلة الذي يبدأ في تكوين علاقات خارج أسرته بذهابه إلى رياض الأطفال وابتعاده عن والديه وجو الأسرة يولد لديه الشعور بالخوف. بمعنى آخر، أن طفل هذه المرحلة يشعر بالخوف بسبب عوامل متعددة والتي تنعكس بالتالي على خوفه من الليل والوحدة. في القصة، زهراء تشعر بالخوف من الليل والظلمة والوحدة مثلها مثل أي طفل من أولئك الأطفال. هذا واقع زهراء وواقع الطفل الذي يقرأ القصة والذي يتوحد مع خوف زهراء ويندمج مع معاناتها، لكنه في النهاية يستنتج كما تستنتج زهراء، أن هناك آخرين في هذا الليل لا ينامون، فترى ماذا يفعلون؟ هذا رأيي ككاتبة، وتبقى للآخرين آراؤهم التي أحترمها، والتي تساعدني في التعمق فيما أكتبه بشكل أفضل.
* (حروف ملونة) قصة في (سلسلة بلدي)، ألا ترين أن استهلاليتك لهذه القصة، كانت تحتاج إلى وقفة، وبعض التأني ؟
** هذه القصة قدمت في إذاعة صوت العرب في القاهرة، وأعجب بها الكاتب عبد التواب يوسف وسألني إمكانية عرضها في الإذاعة المذكورة ، ثم أرسل لي النص الذي تم تقديمه وإعداده من قبله. في رأيي أن المقدمة التي طرحتها المعلمة هي الوقفة التي قادت القارئ الصغير نحو الأحداث الواردة في القصة والتي شكلت عقدة القصة.
* لا يزال الخيال المطلق، إحدى إشكاليات أدب الطفل، وما يقدم له من قصص، يجد من الكتاب من يناصره، وفي المقابل يقف فريق من الكتاب، يؤمن بالحدود في خيال الكاتب، فمع أي من الفريقين، تقف كاتبتنا الدكتورة فاطمة أنور ؟
** أولا ماذا تعني بالخيال المطلق؟ أليس الخيال يعني شيئا غير الواقع؟ وإذا اتفقنا أن الخيال أمر غير الواقع، فهل من الممكن أن تضع للخيال حدا أو حدودا معينة ؟ أنا لا أرى أن هناك فصلا بين الخيال والخيال المطلق فكله خيال، وكوني مختصة في مجال الطفولة أرى أن تنمية وتربية الطفل على الخيال هو الطريق لتربية المبدعين وهو الطريق إلى الابتكار. توضح الدراسات التربوية، أن خيال وإبداع الطفل يتضاءل - مع الأسف - بمجرد أن يبدأ في عملية التعلم المدرسي. فنحن نطالبه أن يتعامل مع الأمور المحسوسة وأن يخاطب الشخصيات التي تمشي وتتحرك أمامه، وأنه لابد أن يرسم ويكتب ما يراه ويلمسه ويسمعه و.. وبهذا نقول له: دع الهبة التي وهبك الله إياها جانبا.
* مبررات الأحداث، أحد أساسيات الكتابة الناجحة للكبار والصغار، فهل يؤرقك البحث عن أحداث مبررة، خلال كتابتك لأحداث قصصك، أم أنك تنظرين إلى هذه القضية على أنها غير مؤثرة في القارئ، خاصة وأنه لا يزال صغيرا، ولا يدرك كثيرا من الأحداث حوله ؟
** أنا لا أستهين بالطفل وإمكانياته. بل بالعكس أرى ان الطفل يحلل الأمور ويفهمها أكثر مما نتوقع. الكتابة للطفل ليست بالسهولة التي يتصورها البعض. فلابد لكاتب الطفل أن يفهم نفسية الطفل وأساليب تعلمه. في واقعنا المعاصر نحن نختار للطفل ونوجهه بشكل مباشر. نحن الكبار نفرض عليه القصة التي يقرأها ونحن الكبار نكتب له تارة ما نراه مناسبا له. وتارة أخرى نكتب له ونحن نجهل عالم الطفل. لهذا ترى أن أسواقنا تعج بالكتب التي - في الحقيقة - لا تستهدف الطفل ولا تساعده على تنيمة خياله وإبداعه وأيضا لا تشجعه على القراءة.
* في قصتك (أبيض أحمر أخضر) ميل إلى تنمية الحس الوطني لدى الطفل، من خلال تعريفه بلون علم بلاده، فهل هذا القصد تناهى إلى فكرك، قبل الولوج إلى تفاصيل قصتك، أم أنك قصدت ذلك، بعد تعريفك للطفل خصائص الأزهار، وسمات الألوان ؟
** في تلك الفترة التي كتبت فيها هذه القصة، كنت أعمل كموجهة لرياض الأطفال، وكانت الوزارة في تلك الفترة بصدد تغيير مناهج رياض الأطفال. فطلب مني كتابة قصص للأطفال تغرس مفاهيم حب الوطن. فكانت هذه القصة وقصة "حروف ملونة" نتاج تلك الفترة. كان الهدف منهما أعني القصتين من سلسلة بلدي عمان غرس مفهوم حب الوطن لدى الأطفال، وتعلم بعض المفاهيم البسيطة.
* كتبت مع مجموعة من كتاب وكاتبات أدب الطفل، قصص مجموعة (حكايات قبل النوم)، فهل عنوان السلسلة، فرض عليك كتابات محددة، تناسب الحكي للطفل في هذا التوقيت من الليل ؟
** لقد كتبت القصص منذ سنوات ولكنني لم أنشرها. لا.. لم يفرض علي العنوان .. وإنما وضع العنوان بعد أن وجدت دار النشر أن ذلك العنوان هو السبيل الأفضل لطرح منشوراتها. لكن .. فرضت علي أمور أخرى مثل تحويل القصة إلى قصة دراسية، بدلا من قراءتها من أجل المتعة.
* لماذا الإصرار على ترجمة كل نتاجك الأدبي المقدم للطفل، إلى اللغة الإنجليزية ؟
** لا يوجد إصرار على ذلك بتاتا، في البدء عند طباعة قصتي "مريم في الطوي" و"زهراء تخاف الليل" لم تكن لهما ترجمة إنجليزية. القصص الأخيرة لم أبادر أنا بترجمتها وإنما كانت المبادرة من دار النشر. وأنا لا أرى الترجمة بالمستوى المطلوب. أما في قصصي السابقة فكانت المترجمة كاتبة أطفال من الجنسية البريطانية. تعاونا معا في وضع الترجمة بحيث لا تفقد الترجمة روح القصة وفي الوقت ذاته تكون على مستوى فني جيد. والحمد لله وفقنا في ذلك.
* في سلسلة (حكايات قبل النوم) نهجت الدكتورة فاطمة أنور، نهجا مغايرا لمجموعاتها القصصية السابقة، التي تطبق خلالها حكمة (خير الكلام ما قل ودل) فهل هذا النهج كان مقصودا، أم أن ذلك ما اقتضته الحالة الراهنة للقصة المحكية، وقتئذ ؟
** نعم كان مقصودا، وأرى أنني وفقت في ذلك، وأشكرك على دقة ملاحظتك.
* هل تكفي المحاولات، المقدمة من كتاب أدب الطفل في السلطنة، لتقديم نتاجهم الأدبي فيه، إلى تشكيل مشهد، يحدد ملامح أدب الطفل العماني ؟
** رغم أننا بدأنا في السلطنة الاهتمام بالكتابة للطفل منذ الثمانينيات، إلا أننا لم نواصل في أدب الطفل بشكل جيد. ثم إن الكتابات المطروحة ما زالت تحتاج إلى الكثير من الصقل والتوجيه، لكنها كلها تبشر بأدب جيد، إذا تمت مواصلة الجهد.
* .. وكيف ترين ألوان الفنون الأخرى، المقدمة للطفل العماني، بخلاف قصص الأطفال ؟
** قد لا أكون الشخص المناسب، للحكم على ألوان الفنون الأخرى.